إصلاح السوق .... مكاتب المحاماة (2/2)

في مقال سابق تحدثت عن أهمية تفعيل الوازع الديني ودور المؤسسة الدينية لتحسين البيئة الاستثمارية في سوق الأسهم. واليوم ساتحدث عن دور الجهات القانونية وبالأخص المحامين.
والمحامون "شطار" دائما فهم يأخذون لك حقك الذي ينتهي به الأمر أن يصبح حقهم على شكل أتعاب!! والمحامون ينشطون حيث يكون الخلاف أو حيث يكون هناك مظنة للخلاف. والمثل يقول "لو أنصف الناس لاستراح القاضي" وأضيف من عندي " ولأفلس المحامون". ولكن عندنا لاخوف عليهم فسوق الأسهم عندنا – ما شاء الله - ملئ بالتجاوزات. وأنا لا أريد أن أسترسل في انتقاد المحامين لأنه لا أسهل عليهم من رفع قضية على "الغلبان" صاحب هذا المقال.
نعود للأسواق لدينا. فمشكلة الأسواق الناشئة بشكل عام أنها تنقسم إلى فئتين: فئة قليلة وهم صناع السوق و"هوامير" الأسهم ومجالس إدارات الشركات. وفئة كثيرة وهم عامة المستثمرين والمتداولين والذين يمثلون السواد الأعظم. و"كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله!!" والسبب أن الفئة الكثيرة كثيرة وليست كبيرة. وحتى تصبح كبيرة فلا بد أن تترابط كما قال القائد الشهير المهلب بن أبي صفرة لابنائه:

كونوا جميعا كالرماح إذا اعترى خطب ولا تــــتفرقوا أفرادا
تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا وإذا افترقن تكســــرن آحادا

وهنا يأتي دور المحامين.

وأنا أسمع وأقرأ دائما كثيراً من الصراخ والانتقاد لتجاوزات في السوق ولكن تلك الانتقادات وذلك الصراخ لا يعدو موجات صوتية تضيع في الفضاء الرحب مع موجات الفضائيات وذبذبات الجوال. والذي يحتاج إليه المغلوبون على أمرهم من المستثمرين هو بناء قضية محكمة مدعمة بالأدلة. ولا يستطيع بناء قضية محكمة إلا المحامون. والمحامي –بعكس الإنسان العادي - ربما لا يلتفت إلى ما يظهر أنه خطأ واضح ولكنه يركز حيث يمكن إثبات القضية. وهناك قصة شهيرة لزعيم مافيا أ(مريكاني/طلياني) في ثلاثينيات القرن الماضي اسمه آل كابوني كان مسيطرا على سوق تهريب الخمور في الولايات المتحدة (كان تعاطي الخمور ممنوعا في الولايات المتحدة في بداية القرن الماضي). وعلى الرغم من أن ارتباطه بتهريب الخمور كان أوضح من الشمس في رابعة النهار إلا أن مكتب التحقيقات الفدرالية لم يستطع بناء قضية محكمة في هذا الجانب واستطاع القبض عليه بتهمة التهرب من الضرائب.
والمحامون بطبيعة الحال لن يدافعوا عن الناس لوجه الله دون مقابل ولكن سيدافعون عن المستثمرين لوجه الله إذا كان هناك مقابل. ولكن من يبادر؟ هل يبادر مجموعة مساهمين بدعوة المحامي. أم يبادر المحامي ويدعو المتداولين المظلومين. وفي نظري لو أن مجموعة من المحامين ترصدت الأخطاء وعملت على مقاضاة المخطئين في حق عموم المساهمين واستحقت على ذلك نسبة من الحقوق المستردة لأعيدت الحقوق إلى أصحابها ولارتدع آخرون عن التلاعب في السوق أو بحقوق الناس.
ولكن تبقى دائما المشكلة مع المحامين في كتابة العقد معهم ابتداء. فإذا استطعت الحصول على عقد مع المحامي تميل شروطه لصالحك فيجب أن تشك في قدرة المحامي الذي لم يحفظ حق نفسه. وإذا كان المحامي ذكيا بما فيه الكفاية فربما تحتاج أخذ رأي محام آخر حول العقد!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي