لماذا يتجنب المسؤولون في وزارة العمل وسائل الإعلام؟
لقد استمعت للبرنامج الإذاعي (ماذا... لو) يوم الإثنين الموافق 15/1/1430هـ وكان موضوع الحلقة الحد الأدنى للأجور, ولمناقشة الموضوع استضاف مقدم البرنامج الدكتور فاروق فرحات الخبير في الموارد البشرية، ولكن غاب عن المشاركة في النقاش أهم جهة معنية بهذا الأمر، وأعني بذلك وزارة العمل، فقد أفاد مقدم البرنامج أنه حاول أن يستضيف أحد المسؤولين من وزارة العمل إلا أنه قوبل بالتسويف من الجهة المعنية بتحديد هوية المسؤول إلى أن حان موعد البث دون أن يجد استجابة، فهل كان الغياب مقصودا لأن الوزارة لا ترغب في الإفصاح عن معلومات لم يحن أوانها، أم أن الوزارة لم تحسم إلى الآن تصورها من جدوى تطبيق حد أدنى للأجور وبالتالي يتجنب المسؤولون فيها الحديث إلى وسائل الإعلام عن هذا الأمر؟.
لقد تطرق البرنامج إلى كثير من الجوانب التي تحتاج إلى توضيح وفق رؤية الوزارة المختصة التي تملك المعلومات والإحصائيات الدقيقة لكن غيابها للأسف أفقدنا فرصة الاستماع المباشر على تعليقات المسؤولين في كل ما يثار عن هذا الموضوع من آراء متضاربة بين مؤيد ومعارض، ومهما يكن السبب الذي دعا المسؤولين في الوزارة إلى تجنب المشاركة في البرنامج فقد كان الأولى فيهم الرد بوضوح على دعوة مقدم البرنامج ، فإذا كانت الوزارة فعلا عاكفة على دراسة وضع حد أدني للأجور ولا ترغب الحديث عنه في هذا التوقيت، فلم لا تقول ذلك بكل وضوح؟! فمن حقها أن تتحفظ في الكلام لأنه قد يساء فهم وتفسير ما يقال في هذا الشأن عند المشاركة في البرنامج، وربما يتسبب في عرقلة المشروع وهو لا يزال في مهده، أما إن كانت لا تؤيد وضع حد أدنى للأجور فهي أيضا مطالبة بتوضيح المحاذير والعوامل التي جعلتها تتخذ هذا الموقف لأن عدم التجاوب مع مقدم البرنامج جعلنا محتارين إلى أي مدى وزارة العمل معنية بوضع حل لمشكلة الأجور المتدنية في سوق العمل والتي اعترفت بوجودها من خلال تصريح وزير العمل.
لقد واجهت وزارة العمل الكثير من الانتقادات خلال السنوات الأخيرة من كلا الجانبين أصحاب العمل والعاملين في آن واحد، فأصحاب العمل لم يكونوا راضين عن سياسة التشدد في منح تأشيرات العمل في إطار جهودها لتوطين الوظائف واعتبروها عاملا رئيسا لمشكلة التأخير في تنفيذ المشروعات، وفي الوقت نفسه لم يكن المواطنون راضين عن جهود الوزارة في توفير فرص العمل، وكانوا يطالبونها بمزيد من الإجراءات التي تساعدهم على الحصول على وظائف بأجور مناسبة، واختلف الكل على ما هو الأجر المناسب وما الأسس التي يتم على ضوئها تحديد الأجور.
مما لا شك فيه أن الحوار بين كل المهتمين بهذا الشأن من مسؤولين وأكاديميين وخبراء متخصصين في سوق العمل وأصحاب العمل سيقرب المسافة بين الأفكار والمفاهيم المتعارضة ويخفف من تباعدها لتتلاقى في منتصف الطريق، ما يجعل الجميع أكثر تفهما لأي قرارات قد تصدر مستقبلا في هذا الخصوص، وبالتالي، فإن غياب وزارة العمل عن المشاركة في بعض الحوارات في وسائل الإعلام وفي الأمور التي تمس مجال اختصاصها غير مقنع للمواطنين، ويثير الكثير من علامات الاستفهام حول جهود الوزارة ومدى جديتها في التصدي للقضايا التي تشكل مركز اهتمام المواطنين من مختلف فئاتهم، ونحن على قناعة من أن وزير العمل الذي عرف عنه قربه الدائم من وسائل الإعلام لا يرضيه هذا الجفاء من المسؤولين في الوزارة، ونتمنى أن يكونوا أكثر قربا لتوضيح رؤية الوزارة في كل ما يطرح من قضايا تدخل ضمن نطاق عملها وحبذا لو عينت لها ناطق إعلامي يعبر عن وجهة نظرها الرسمية في كل ما ينشر أو يقال.