نظام فتحات صناديق النفايات في أسوار منازلنا
من أسوأ الظواهر التي تشوه مدننا وتجلب لنا الأمراض المعدية هي ظاهرة صناديق أو براميل النفايات المبعثرة في طرقنا وداخل أحيائنا. صناديق مفتوحة تعيش عليها الحشرات والحيوانات السائبة وتنقل الأمراض المعدية والروائح الكريهة. والأسوأ أنها ترمى أحياناَ في وسط الطريق وتسبب الحوادث والإزعاج للمواطنين. فمتى نرى حلولا لهذه المعاناة ومتى نراها منظمة ومقفلة بإحكام؟ وهل لدينا وعي لأهمية تنظيم صناديق النفايات ووضعها المزري في مدننا؟ ومتى نصل إلى تلك الدرجة من التحضر لنقوم بعملية إعادة تدوير النفايات بحيث يقوم كل مواطن بجمع كل نوع من النفايات ويضعه في صندوق نفايات مخصص له. فتجمع النفايات الورقية في صندوق والبلاستيكية في صندوق آخر والمواد الخطرة أيضا في صندوق مخصص لها. لقد تأخرنا كثيراَ ولا بد من العمل الجماعي لحل هذه الظاهرة وإيجاد حلول لها كإحدى دلائل تحضر المجتمع ونمو حس المواطن وذوقه للتمتع بالتجول في مدينته التي يقضي معظم يومه تجوالاً في شوارعها لقضاء واجباته العملية والاجتماعية. ولعل أبسطها وأسهلها هو حل كان يعيش معنا منذ أكثر من 50 عاما، وهو فتحات براميل النفايات التي تفتح من داخل الأسوار وخارجها في المنازل في الأحياء القديمة في الخبر والدمام. وحديثاَ في الحي الدبلوماسي وأحياء مدينتي الجبيل وينبع وسكن جامعة الملك سعود. وهي حلول سهلة ولا تحتاج إلى إعادة الاختراع. ولكنها في حاجة إلى وضع نظام متكامل بدءا من إلزام المواطن بعدم الإسراف في المشتريات فوق حاجته حتى لا يزعجنا بنفاياته أو تحمله غرامة مالية. فهو وحتى لو لم يلتزم بالدين الإسلامي والنهي عن الإسراف فإنه في الحقيقة حر ليسرف ولكن هناك حقا عاما يجب أن يحترمه. وهو أن ذلك الإسراف في المشتريات أو الولائم مصيره صندوق النفايات والذي سيكلف الدولة مبالغ لجمعه ونقله إضافة إلى ما يسببه ذلك الإسراف من أذى للمجتمع وتلوث وأمراض. ثم نظام تزين النفايات في براميل أو صناديق تفتح من داخل سور المنزل لخارجه للفلل وصناديق تفتح من داخل العمائر لخارجها وذلك بتخصيص غرفة للنفايات مثل غرفة العدادات للكهرباء ومن ثم طرق تجميعها في مرامي للنفايات.
لقد حان الأوان أن نضع حلا لوضع براميل وصناديق النفايات المزري والمهمل في شوارع مدننا وتلك العشوائية والازدراء الواضح لمستوى الحس الذوقي للمواطنين وأحياناً نكون نحن كأفراد السبب وراء ذلك. فصناديق النفايات على الطرق التجارية وحتى داخل الأحياء السكنية أصبح منظرها مسيء للعين لتناثرها ووقوعها في عرض الطريق معرقلة بذلك حركة السير وتضطر قائد السيارة إلى تغير مساره فجأة وهو أحد أسباب الحوادث المرورية. إضافة إلى مظهرها المسيء لحس وذوق المواطن وما تبعثه من روائح كريهة تساعد على تكاثر الحشرات الناقلة للأمراض المعدية.
أرى أنه لابد من الإصرار على نظام ومستوى تصميم وتنفيذ راق وجيد لصناديق النفايات وباستخدام مواد حديثة وجميلة وبتوفير اشتراطات وتنظيمات موحدة ونموذجية لطريقة إخفاء مواقع تلك الصناديق. بدلاَ مما نراه اليوم من صناديق النفايات المتناثرة في كل مكان والمشوه لواجهات المباني والمقززة لمنظر المدينة ولنفوس المارة وما يؤديه ذلك إلى انتشار الحشرات والبعوض الناقل للأمراض المعدية وتكاثر القطط والكلاب أحيانا. قبل الانتقال إلى المرحلة المتقدمة التي سبق أن دعيت لها وهي أهمية تدوير النفايات وبحيث تقوم الدولة بوضع براميل لكل نوع من النفايات سواء ورقية أو زجاجية أو بلاستيكية. ودور المواطن في التقيد بوضع نفاياته حسب كل صنف. ومن ثم يتم تدوير تلك النفايات ليتم استعمالها مرة أخرى. وما يؤديه ذلك من مردود إيجابي للجميع.
وأدعو إلى ضرورة إجبار المواطنين سواء دينياَ ( "النظافة من الإيمان، "إن الله لا يحب المسرفين"، ولا تسرفوا). أو دنيويا بغرامات وعقوبات صارمة وتوعية للمساهمة في نظافة الحي أو على الأقل مقدمة منزله ومحاولة تسديد النقص بقدر المستطاع لتلافي ما نراه اليوم من الأنانية الحضرية، حيث أصبح كل يرمي ببرميل النفايات عن حدود موقعه إلى جاره وأصبح عامل النظافة مشدوهاً أين يضعه ليستقر أحياناً في وسط الطريق ويعرقل سير العابرين دون أن يعبأ أحد بسُنة إزالة الأذى عن الطريق أو تخصيص مكان صغير لجمعها.
فنظافة الحي وإعطاؤه احترامه وإبراز شخصيته الاعتبارية كأحد عناصر المدينة المهمة وهي عنوان الإنسان وتعبير عن تمدنه وتحضره فالإنسان الذي يولي اهتمامه بمظهره ونظافة ملبسه وسيارته لابد أن يكون لديه بعض الإحساس بأهمية العناية بمظهر ونظافة واجهة منزله أو محله والاهتمام بإماطة الأذى عن الطريق، حيث إن صناديق النفايات أسوأ أنواع الأذى وأنها جزء من شخصيته وعدم الاهتمام بها يعد نقصا في شخصيته الاعتبارية كمواطن صالح يسعى للمصلحة العامة.
وقد يكون من المستحسن النظر في أفكار أخرى أكثر جدوى مثل نزع ملكية بعض الأراضي في الأحياء السكنية والتجارية لتكون موقعا لجمع براميل النفايات. وبحيث تمر ناقلة النفايات فقط على ذلك الموقع بدلا من عبورها وإزعاجها لسكان الحي. وهي قد تكون أكثر مناسبة في الأحياء التجارية بحيث يلزم كل صاحب محل بسحب صندوق النفايات بعجلات إلى تلك المواقع.
يبدو أننا يجب أن نوعي بعض المسؤولين عن التخطيط لأحيائنا السكنية والصناعية والتجارية لسرعة دراسة المشكلة وإيجاد حلول سريعة للوضع الحالي للنفايات وطرق تخزينها في الأحياء ومن ثم جمعها ونقلها لمرمى النفايات خارج المدن. ومحاولة الاستفادة من الحلول التي ابتكرها من سبقنا في معظم مدن العالم. أو على الأقل الاستفادة من تجاربنا المحلية. وأن تقوم البلديات بعمل نماذج لفتحات مخصصة لبراميل النفايات داخل الأسوار تفتح من داخل المنزل وكذلك تخصيص مواقع مخفية ونماذج لسواتر لمواقع الصناديق الكبيرة أو خارج مجموعة المحال التجارية مع وضح الاحتياطات الصحية والأمنية اللازمة. وأن يلزم كل مالك لعمارة أو مركز تجاري بتخصيص موقع أو غرفة جانبية أو خلفية لصناديق النفايات مثلها مثل غرف الكهرباء والعدادات أو أن يخفي موقعه بحوائط أو قواطع خفيفة تخفي على الأقل منظرها المزري على أن تكون العملية سهلة لنقلها بسيارات نقل النفايات. لأن من يدفع الملايين لبناء منزله أو دعاية لمحله لن يبخل على الجيران وعلى نفسه بالقليل للحصول على المنظر الحسن لرصيف منزله أو محله.
من منا لا يحلم بمتعة التجول بصحبة عائلته أو أصدقائه في شوارع المدينة وطرقاتها ويسعد برؤيتها نظيفة وطاهرة ومرتبة لتكون متعة للناظرين. ولماذا نلجأ إلى الحلم وهو أسهل ما يمكن أن يكون حقيقة بتضافر الجهود. إنها دعوة لصحوة إنسانية وصحية لمحاولة تصحيح الوضع المزدري الذي وصل إليه المظهر العام لشوارعنا ومحاولة تحقيق الحلم الجميل للجميع، وهذا لا يمكن تحقيقه إلا بتضافر الجهود لحل هذه المشكلات التخطيطية. وفي تصوري أن هذه الحلول سهلة وفي متناول الجميع.