إن لم تكن ذئبا.. فلا تلعب مع الذئاب

اتصل بي صديق يستشيرني في سوق الأسهم ويسأل عن توجهات السوق ـ وحسب معلوماتي المتواضعة - بذلت الجهد في إيضاح الأزمة العالمية وأثرها في السوق وتحدثت عن أسعار البتروكيماويات وعلاقتها بأرباح الشركات واسترسلت في الحديث عن صناعة الأسمنت وتطرقت إلى البنوك وأسعار الفائدة، وخلال نصف ساعة من الحديث المتواصل حسبت أنني قدمت له النصيحة وقضيت واجب الصداقة. وفي نهاية المكالمة قال لي "بصراحة لم أستوعب شيئا فقل لي من الآخر ماذا اشتري غدا" وعبثا حاولت التملص من إعطائه توصية مباشرة ولكنه على رأي عادل إمام في مسرحية "شاهد مشفش حاجة" أصر يصر إلحاحا. ولم أجد أمام إلحاحه وإصراره إلا أن نصحته بأن يشتري في أسهم البنك الأهلي التجاري لأن السهم عليه عملية تجفيف غير مسبوقة ويكاد يستحيل أن يجد سهما واحدا معروضا!! شكرني وأغلق السماعة ولكنه اتصل مرة أخرى وقال "وهل أدخل بكامل السيولة؟؟"
من لا يتخصص في السياسة ولكنه يتصدر المجالس منتقدا دعم الولايات المتحدة لكوريا الشمالية ومعتبرا قبرص جزءا لا يتجزأ من السودان. لا مشكلة. من لا يتخصص في الرياضة. ويعتبر مارادونا حارس مرمى من الطراز الأول، لا مشكلة. من لا يتخصص في الأدب وينتقد الفرزدق كأحد شعراء الحداثة، برضه لا مشكلة. لكن المشكلة من لا يتابع الأسهم ولا يقرأ التقارير الاقتصادية ولا يتابع الأحداث المتعلقة بالأسواق ولكنه يضارب بماله وتحويشة عمره (ومال أولاده بعد عمر طويل) في سوق الأسهم.
الأشخاص الذين يبحثون عن أسهل الطرق لكسب المال هم هدف سهل للمحتالين الذين يجدونهم أسهل الطرق لكسب المال أيضا. ولذا دعني أضع بين يديك معادلة بسيطة. مؤشر السوق السعودي اليوم وصل إلى المستوى نفسه الذي وصله في العام 2003. ولكن هناك أشخاص ضاعفوا ثرواتهم ربما عشر مرات على حساب أشخاص خسروا أموالهم. الرابحون إما أن يكونوا (هوامير) متلاعبين أو مطّلعين على تعاملات (الهوامير) أو لديهم معلومات داخلية أو حتى محللين محترفين يعملون بطريقة شرعية. فإذا لم تكن أحد الأصناف السابق ذكرها فلا أنصحك بالمضاربة في السوق لأن احتمالات الخسارة هي أضعاف احتمالات الربح ولأنك ستشغل مستوى أدنى في السلسلة الغذائية للأسهم. وعلى رأي خلف بن هذال:
الضعف ما حطه الطيب سبيل له قد قيل من لا يعيل تجيه عيّاله
وأنا هنا لا أنصح الطبيب والمهندس وحارس الأمن والقاضي وسائق الأجرة بأن يتخصصوا في الأسهم. ولكن من الضروري أن يلم كل إنسان بمبادئ الاستثمار الأساسية التي ربما لا تخلق له الثروات ولكنها تحافظ على ثروته وربما كان من المجدي تضمين جزء من تلك المبادئ في المناهج الدراسية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي