الصناديق الاستثمارية العقارية العملاق القادم

مما لا شك فيه أن الشركات العقارية والمطورين العقاريين والسوق العقارية كانت واقعة إيقاف المساهمات العقارية بشكل كامل كارثي والسبب الأول للركود الذي شهده القطاع العقاري ومما زاد الأمر تعقيداً هو فقدان الثقة بين المستثمرين بتلك المساهمات ومطلقيها من عقاريين ومطورين ما أفقد السوق العقارية أحد أهم روافد التمويل للمشاريع العقارية كما أفقد ملاك العقارات الكبيرة مشترين لعقاراتهم وهذا الأمر الذي أدى إلى جمود تلك العقارات بشكل شبه كامل كما أفقد السوق العقارية مشاريع إسكانية التي يحتاج إليها ولها مستهلك يطلبها.
ولكن ما لا يعرفه كثير من العقاريين مع الأسف أن هناك بديلا تم إقراره من هيئة سوق المال وهو الصناديق العقارية التي تطلق من قبل الشركات المالية وما يميزها هو أنها تهتم بشكل كبير بدراسة الجدوى من مشاريعها العقارية كما أنها تحرص على العوائد المجزية لمشاريع الصندوق وتختارها بعناية فائقة إضافة إلى الشفافية الكبيرة التي تعتمدها في جميع عملياتها المالية من قيمة شراء العقار وأتعاب المطور وقيمة البيع وأتعابها من إطلاق الصندوق وكذلك الرقابة الكبيرة على أداء الصندوق من قبل هيئة سوق المال التي تبدأ من إطلاقه وتنتهي في تصريف الوحدات العقارية وتوزيع الأرباح على المكتتبين، وأتوقع أن هذه الصناديق ستسهم في ضخ السيولة من جديد إلى السوق العقارية كما ستدعم ثقة المستثمرين للاكتتاب في الصناديق العقارية وتوفر وحدات عقارية تغطي الطلب.
قد يظن بعضهم أن هذه الصناديق ستكون أحد طرق النصب والاحتيال على صغار المستثمرين أو أنها ستجمد السيولة من جديد في عقارات غير مدروسة كما فعلت المساهمات العقارية في السابق، والجواب هو لن يحصل ذلك بإذن الله لعدة أسباب، منها:
1. الصناديق العقارية تدرس المشروع بشكل علمي ومفصل وترفعه بعد ذلك إلى هيئة سوق المال لدراسة جدواه ويتم التدقيق على المشروع من عدة جهات اعتبارية تمنع أو على الأقل تقلل بشكل كبير الأخطاء في دراسة أي مشروع عقاري.
2. تحدد مدة الاستثمار بعدد محدود من السنوات وبشكل واضح قبل البدء بالاكتتاب وتكون الشركة المالية مطالبة بإنهاء المشروع وتسويقه قبل انتهاء المدة المحددة وإلا ستكون عرضة للمساءلة.
3. أرباح الشركات المالية مطلقة الصناديق تكون بقدر النجاح في رفع أرباح الصندوق وبالتالي تحرص على سرعة تصفيتها بأفضل عرض ممكن.
4. هناك جهات تقييم أداء صناديق الشركات المالية وهي جهات حكومية وغير حكومية تقدم تصنيفا لأداء الشركات المالية في إدارتها لصناديقها وتقدمها للمستثمرين وتوصي بالاستثمار مع الشركة المالية ذات الأداء الأفضل وهذا ما يجعل مطلقي الصناديق العقارية أكثر حذراً.
5. إمكانية التداول لوحدات الصندوق العقاري طوال فترة عمله ما يجعل خروج المساهمين في أي وقت سهلا وبالطبع يكون التداول تحت إشراف من هيئة سوق المال لمنع التلاعب.
6. لا يستطيع أي صندوق عقاري أن يتلاعب بالمبالغ المكتتبة لأنها تكون في حساب بنكي باسم الصندوق تصرف لحساب تطوير العقار المراد تطويره والمُراقب بشكل كامل من قبل هيئة سوق المال.
7. لا توجد أي مصالح مشتركة بين مطلق الصندوق ومالك العقار فهناك تعارض في المصالح حيث إن من مصلحة مطلق الصندوق أن يحصل على أفضل عرض لشراء العقار بأقل قيمة لمصلحة الصندوق للحصول على أفضل أداء وبيع الوحدات العقارية التابعة للصندوق بأعلى قيمة.
جميع تلك الأسباب باعتقادي ستكون كافيةً جداً للتشجيع لدخول أي مستثمر للاكتتاب في تلك الصناديق دون تردد كما أنني على ثقة بأننا سنشهد عددا ضخما من الصناديق العقارية في الأيام القادمة التي ستوفر السيولة للمطورين العقاريين وستحرك عجلة التنمية للقطاع العقاري كما أنها ستوفر فرصا استثمارية آمنة لصغار المستثمرين بإذن الله.
وأعتقد أن الفكرة ستكون جديدة على كثير من المطورين العقاريين والمستثمرين وقد يتخوف بعضهم منها في البداية ولكنهم سرعان ما سيكتشفون مدى الفائدة منها وسينكب عليها الجميع، وعلى شركات التطوير العقاري التكيف والتعامل معها إذ إن أغلب الشركات العقارية التي تطلق الصناديق هي شركات لها خبرات عالمية في الصناديق العقارية إذ إنها نظام مطبق عالمياً أثبت نجاحه على مدى عقود ماضية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي