كيف تصبح مواطنا؟

[email protected]

في مقال الأسبوع الماضي أثرت موضوع المواطنة بمناسبة اليوم الوطني للمملكة العربية السعودية وانتهيت عند تعريف طرفي الحقوق المتبادلة للمواطنة بين الشعب والدولة.

الشعب والدولة
العلاقة المتبادلة بين الشعب والدولة وهو ما يسمى بـ (المواطنة) هي حقوق متبادلة بين الطرفين تقوم على الكفاءة والعدالة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، كما تستلزم المواطنة الفاعلة توافر صفات أساسية في المواطن تجعل منه شخصية مؤثرة في الحياة العامة، والقدرة على المشاركة واتخاذ القرارات.
إن مفهوم المواطنة يتضمن حقوقًا يتمتع بها جميع المواطنين وهي في نفس الوقت نفسه واجبات على الدولة والمجتمع منها:
- حفظ الدين، حفظ الحقوق الخاصة، توفير التعليم، تقديم الرعاية الصحية، تقديم الخدمات الأساسية.
- توفير الحياة الكريمة، العدل والمساواة، الحرية الشخصية وتشمل حرية التملك، والعمل، وحرية الرأي.
هذه الحقوق يجب أن يتمتع بها جميع المواطنين من دون استثناء سواء أكانوا مسلمين أم أهل كتاب أم غيرهم في حدود التعاليم الإسلامية، فهي مكفولة لكل مواطن بغض النظر عن عرقه أو لونه، بشرط ألا تتعدى إلى حريات الآخرين أو الإساءة إلى الدين الإسلامي.
واجبات المواطن: احترام النظام والسمع والطاعة لولي الأمر، الحفاظ على الممتلكات العامة الولاء للدولة المساهمة في تنمية الوطن، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، التمثيل الجيد للدولة والمجتمع خارج حدود الوطن. هذه الواجبات يجب أن يقوم بها كل مواطن حسب قدرته وإمكانياته وعليه الالتزام بها وتأديتها على أكمل وجه وبإخلاص.
وأن تكون مواطنًا يعني أن تكون مرتبطًا اجتماعيًا بتراثك وتاريخك وثقافتك ووطنك. ولا تتجسد عضوية الفرد في المجتمع بحمله للبطاقة الشخصية أو جواز السفر أو غير ذلك من الوثائق. ولكنها تتجسد من خلال الهوية التي يحملها الفرد والشعور بالانتماء إلى المجتمع. فالفئات المهمشة في مجتمع معين قد تحمل الجنسية الخاصة بذلك المجتمع، وهي بالطبع تعيش ضمن الحدود الجغرافية لذلك المجتمع، لكنها قد لا تشعر بالانتماء بسبب التهميش أو التمييز الذي يمارس ضدها في المجتمع وهو سبب عدم الاندماج الاجتماعي.
إن أحد جذور الأزمة التي تعيشها الدول وأبرزها، هو العشوائية والفوضى والارتجال والتسيب وانحلال عرى التنظيمات والعلاقات الاجتماعية، وتهتك منظومة الأخلاق العامة والعملية.
ومفهوم المواطنة مرتبط بتطور مفهوم المجتمع المدني، وقد قال (روسو) (لن نصبح بشراً إلا إذا أصبحنا مواطنين) لأن الدولة الأم هي الدولة التي تحترم مواطنيها وتدافع عن أمنهم وتوفر لهم الفرص في العيش الكريم، وتساوي بينهم في الحقوق والواجبات، دون التمييز بينهم.
وكيف يتحول الفرد إلى مواطن حقيقي وفعال ؟ المواطن الفعال هو من يتحلى بثلاثة خصال، هي:
أولا، وعي وشعور عال بالمواطنة، ذلك الوعي المستند إلى ثقافة وطنية يكتسبها من البيت والمجتمع والمدرسة.
ثانيا، المسؤولية والالتزام بمنظومة الحقوق والواجبات، الالتزام بأن تعطي كما تأخذ فواجباتك هي ثمن حقوقك، وحقوقك هي ما تحصل عليه مقابل واجباتك.
ثالثا، الانخراط في عمل طوعي، غير ربحي ونفعي بالمعنى الشخصي المباشر، هي الدرجة العليا للمواطنة، هذا النوع المتقدم من المواطنة، ينتج ما نسميه المواطن الفعال. تقاس درجة فعالية المواطن بعدد وحجم الأعمال الطوعية التي ينخرط فيها.
وكل مواطن لا يتحلى بهذه الخصال للأسف هو... مواطن سلبي.
وتقاس قوة المجتمع، إزاء قوة الحكومة، بمدى فعالية المواطن في مؤسسات المجتمع المدني، التي ستقوم بدور آخر في المجتمع وهو حماية استقلالية المجتمع عن السلطة التنفيذية، وبذا تتكون مؤسسات المجتمـع المدني، هي القاعدة التي سينشأ على أساسها المجتمع المدني القائم على التربية المدنية.
وفي الأسبوع القادم سأذكر ارتباط المواطنة بالتربية المدنية.

** مستشار إداري واقتصادي

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي