ما العائد لي من ذلك؟ What 's in it for me?

[email protected]

عندما تقدم على أي عمل أو تتخذ أي قرار، هل فكرت أولا بهذا السؤال البسيط؟ وأعني به عنوان المقالة، إنه سؤال سيطرحه كل شخص معني بما نحن مقدمون على عمله ولو بصيغة مختلفة بينه وبين نفسه سواء كان هذا الشخص صاحب عمل أو مسؤول نعمل لديه أو موظفا يعمل معنا.
قد يقول قائل وما علاقة هذا السؤال بما أنوي القيام به؟ وللإجابة عن ذلك، دعونا نفترض أن أحدا ما يعمل في قسم للمبيعات أو في وحدة للإنتاج أو متقدم لطلب التوظيف في إحدى الشركات، أيا كانت الحالة التي نفترضها فإن أقدم أي منهم بعمل من الأعمال دون أن يضع هذا السؤال في حسبانه ويجيب عنه من وجهة نظر صاحب العمل لن يحصل على النتيجة التي يتوقعها، فبكل بساطة مَن يعجز عن منح الآخرين ما يرغبون فيه لن يجني منهم على النتيجة التي يطلبها، لذلك على مَن يعمل في أي مجال أن يتعرف دائما على ماذا يرغب صاحب العمل الحصول عليه في كل عمل يقوم به؟ لا أن يعمل لمجرد العمل، ويعتاد السؤال نفسه في كل عمل what's in it for him? فإن وجد في العمل الذي يقوم به ما يجيب عن السؤال فهو يعمل في الاتجاه الصحيح، وإن وجد عكس ذلك وجب عليه أن يتوقف ويعيد النظر في الطريقة التي يعمل بها، ولا يضيع وقته ووقت من يعمل لديه في عمل لا طائل منه، فإنه إن لم يفعل سيأتي يوم يجد نفسه قد فقد وظيفته، والسبب بديهي، فلا يوجد في عالم الأعمال من يدفع أجرا لعمل لا يريد في مقابله تحقيق عائد محدد، ومن يعمل بخلاف هذه القاعدة فإنه يمارس غش النفس.
وينطبق هذا أيضا على طالب الوظيفة فمن لم يزود نفسه بالمعرفة والمهارة التي تتطلبها سوق العمل لن يستطيع أن ينتج ما يرغب صاحب العمل الحصول عليه، فالمعرفة والمهارة هي الأدوات التي تمكنه من الإنتاج، وليتيقن كل طالب عمل أن صاحب العمل دائم البحث عن الكفاءات الماهرة التي في مقدورها تعظيم المكاسب، لذلك هو على استعداد لأن يدفع لها أجرا مجزيا، ليس كرما منه، ولكن لأنه يعلم أن هذه الكفاءات تستطيع بما تملك من مهارة وخبرة أن تحقق له ما يرغب فيه، فهذه النوعية من العمالة لا تقوم بأي عمل إلا وهي على علم ماذا سيجني صاحب العمل من ورائه، فتظل حاضرة الذهن في كل خطوة تخطوها فتفيد وتستفيد.
مشكلة من لا يعون هذا الأمر أنهم ضحية لثقافة انتشرت وتمكنت من المجتمع في العقود الثلاثة الماضية، فقد اعتاد الناس أن تكون الدولة هي المصدر الوحيد للتوظيف فتوفر لهم الوظائف وفي الوقت نفسه هم لم يعتادوا المحاسبة الدقيقة في العمل كما هو معمول به في القطاع الخاص، فلما قلت الوظائف التي تؤمنها الدولة وأصبحت شركات القطاع الخاص هي الرافد الأكبر لتوفير الوظائف اصطدمت الثقافة السائدة لطريقة تفكير هذه الفئة بالواقع الذي تحكمه المنافسة مع العامل الأجنبي من حيث المعرفة والمهارة ومستوى الإنتاجية والأجر المنخفض في بعض الوظائف، وفي غياب الوعي بثقافة العمل وضعف مخرجات التعليم ومبدأ المحاسبة الشديدة في العمل التي تتبعه شركات القطاع الخاص لم يستطع الكثير من المواطنين كسب المنافسة مع العمالة الوافدة، وبالتالي لم يحضوا بالقبول فاشتدت عليهم المحاسبة، فإما أن يتمكنوا من إعادة تأهيل أنفسهم وتطوير مهاراتهم ويتخلصوا من بعض المفاهيم الخاطئة في ثقافة العمل أو يقرر أحدهم بنفسه ترك العمل لعدم قدرته على التكيف مع حجم التحديات أو تقوم الشركة في مرحلة ما بالاستغناء عن خدماته.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي