الإهمال التربوي للأطفال يقودهم إلى براثن الانحراف والجريمة
يتعرض عدد كبير من الأطفال إلى الإهمال، حيث يتمثل هذا الإهمال في مجالات أساسية تمثل الحاجة الرئيسية من حاجات الطفل ومن مظاهر الإهمال ما نجده في الإهمال:
1- التربوي
2- العاطفي
3- الطبي
4- الجسدي
ولمناقشة موضوع الإهمال فإنه من المهم أن نحدد تعريفا دقيقا لمعنى الإهمال، حتى يكون نقاشنا موضوعيا، يوصلنا إلى الهدف من النقاش ألا وهو تثقيف المجتمع بقضية مهمة يعاني منها أطفالنا.
فالإهمال هو نمط من سوء المعاملة الذي يعبر عن الفشل في توفير الرعاية المناسبة لعمر الطفل مثل المسكن والملبس والغذاء والتربية والتعليم والتوجيه والرعاية الطبية، وغيرها من الاحتياجات الأساسية الضرورية لتنمية القدرات الجسدية والعقلية والعاطفية.
والمؤسف في الإهمال أنه يتسم بصفة الاستمرارية بحيث يتمثل في نمط غير مناسب من الرعاية والتربية، وتسهل ملاحظته من قبل الأشخاص القريبين من الطفل.
وبالنسبة إلى الحديث عن الإهمال التربوي، فإنه يعد أحد أبعاد الإهمال التي تعترض مسيرة حياة الطفل، وليس أخطر على الطفل من الإهمال التربوي بحكم أن الإهمال في الحاجات الأساسية الأخرى لا يترتب عليه ضياع لمستقبل الطفل، مثلما يحدث عند الإهمال التربوي، ويتمثل الإهمال التربوي للطفل في السماح للطفل بالتغيب عن المدرسة من دون عذر أو سبب مقبول، وكذا العكس حيث يجبر الطفل على الذهاب إلى المدرسة وهو في حالة مرضية أو نفسية لا تؤهله إلى الذهاب إلى المدرسة، ويكون الدافع من ذلك هو الحرص الزائد من الأهل والذي يمكن أن نطلق عليه الحرص المرضي، وهو جزء بسيط من المثالية المرضية التي يعاني منها الكثير وللأسف الشديد.
كذلك يدخل ضمن الإهمال التربوي حرمان الطفل من الذهاب إلى المدرسة لمدة طويلة كعقاب له على فعل معين أو لعدم رغبة الأهل في استمراره في الدراسة، أو أن يكون الأهل قد حرموا الطفل من الذهاب إلى المدرسة وعدم تسجيله في الأساس في المدرسة، وهذا يكثر لدى الأسر في القرى والريف ويكون ضحيته في الغالب الإناث، وبالنسبة إلى الأطفال فإن الهدف يكون العمل والمساعدة في أداء أعمال الزراعة والرعي. وهذا يؤدي بالتالي إلى نتائج منها التخلف الدراسي والمعرفي للطفل، وبذلك فإنه لا يحصل على حصته الأساسية من اكتساب المهارات الأساسية والضرورية لنموه المعرفي، وبالتالي نصل إلى مرحلة الخطر والتي تتمثل في الهرب، ومن ثم الوصول إلى الانحراف السلوكي.
ما سبق يعد مدخلا لمظهر من مظاهر الإهمال للأطفال، والمتمثل في الإهمال التربوي، ونبقى أمام البحث عن العلاج لحل هذه المشكلة يتطلب العلاج أن تكون هناك توعية لأفراد المجتمع بحقوق الطفل في الشريعة الإسلامية وواجب الوالدين نحو أطفالهم في تقديم الرعاية اللازمة لهم، إضافة إلى إظهار الحكم الشرعي حول إهمال الأطفال سواء كان هذا الإهمال مقصودا أو غير مقصود.
كما يتطلب الأمر إيجاد قانون ينص على أن يتم تبليغ الجهات الأمنية المختصة عند وجود أي حالة إهمال، إضافة إلى تعليم الأطفال في المدارس معنى حقوق الإنسان عموما، وما هي حقوقهم خصوصا، حيث أشارت إلى ذلك الكاتبة ناهد باشطح، واستشهدت بما قالته (نانسي فلاورز) عندما تحدثت عن تعبير تعليم حقوق الإنسان في كتابها (تعليم حقوق الإنسان، وذكرت أنه (كل سبل التعلم التي تؤدي إلى تطوير معرفة ومهارات وقيم حقوق الإنسان).
وكعلاج أخير إذا لم تفد طرق العلاج الأولية، فإن لولي الأمر أن يتولى أمر الطفل من خلال رعاية حقوقه، فقد أجاب سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ مفتي عام المملكة حول سؤال عن ظاهرة الاعتداء على الأطفال، حيث ذكر أن الأصل في الشريعة الإسلامية أن الأب هو الذي يتولى رعاية أولاده وتربيتهم، ولا يجوز التدخل في شأن الأب وأولاده، اللهم إلاّ إذا بلغ الأمر حدا من إهمال الأب والتفريط فصار الأب ذا أخلاق منحرفة يخشى منه أن ينشأ الأولاد على تلك الأخلاق الفاسدة أو كانت له تصرفات جنونية من ضرب مبرح يخشى من آثاره السيئة أو فقد الأب الحنان والشفقة، فلولي الأمر عند حدوث هذه الحالة القصوى أن يتصرف بما يراه مناسبا.
إننا أمام مسؤولية وطنية ودينية يفرضها الانتماء إلى جيل المستقبل والوطن، لذا فإن دورنا كبير ومهم حتى نستطيع العمل من أجل الطفل وإتاحة الفرصة لنموه للوصول إلى مستوى تعليمي تربوي يوصله إلى تحقيق المواطنة الصالحة.
ومن نافلة القول أشير إلى قضية مهمة لا بد من التفريق فيها بين مصطلحين، حيث يجب أن نفرق بين إهمال الطفل والإساءة إليه، بحيث يختلفان مع أن نتائجهما متشابهة، فالاثنان يؤديان للأذى، لكن الإهمال يترك ندوبا تدوم طوال العمر وتسرق من الطفل إمكانية أن يصبح فردا مستقلا منتجا.
إن لكل طفل الحق في أن ينمو في بيئة تكتنفها الطمأنينة والرعاية، فالأطفال يعتمدون على الكبار لحمايتهم وتوجيههم، لكن عندما يتسبب هؤلاء الكبار في إهمال الأطفال واستغلالهم وأذيتهم ففي ذلك أفظع وأفحش مظهر من مظاهر الخيانة يمكن تخيلها، سواء كان ذلك في المنزل أو المدرسة أو الشارع أو مكان العمل، فلا بد من العناية بالأطفال وعدم تعريضهم إلى الإهمال باختصار آفات الطفولة.
خبير طفولة
اللجنة الوطنية للطفولة
وزارة التربية والتعليم