حصاد سنابل الخير في كل سنبلة 100 حبة
نحتفل بعد الـ 100 يوم الأولى بالملك السادس للدولة السعودية الثالثة عبد الله بن عبد العزيز وتعانق الحفل كلمة ولي العهد الأمير سلطان بن عبد العزيز حين قال نحن نسير في طريق الإصلاح ضمن ثوابت الشريعة الإسلامية، والحكم في بلادنا استمرار وتواصل, وانتقال البيعة محكومة بأصول غرسها ثابت في الأرض وفرعها في السماء مرتكزة على تلاحم الأمة السعودية. وهو قاعدة الحكم المعتمدة منذ رحيل مؤسس الدولة السعودية المغفور له بإذن الله الملك عبد العزيز آل سعود, رحمه الله تعالى. من هنا كانت التوقعات الإيجابية للمرحلة الجديدة نابعة من قدرة الملك عبد الله على متابعة وتنفيذ البقية من المشاريع والأفكار باعتباره كان يتولى إدارة شؤون البلاد بصورة شبه مباشرة منذ عام 1995.
عهد الملك عبد الله وإن تزامن مع ارتفاع أسعار النفط وانعكاسه على إجمالي الإيرادات العامة للدولة، وإن خلق نوعاً من الطمأنينة حول قدرة الدولة على مواجهة تحديات هذه المحاور ودعمها بدرجة عالية من المرونة في وضع برامج واستراتيجيات عملية لتفعيل موارد الاقتصاد وتمكينه من تجاوز الاختناقات التي مر بها في السابق, إلا أن عصر سنابل الخير كان في إصلاح التوجيه نحو الاستثمار الأمثل على يد الملك عبد الله ترجم الاستفادة الحقيقية من هذه الزيادة لجميع شرائح المجتمع كافة ولقطاعات التنمية الاجتماعية المتعددة، بحيث تكون المحصلة تفاعلاً جماعياً يسهم في رفع الوعي الوطني ويطبق العدالة الاجتماعية ويخلق جيلا من الكوادر البشرية المتلاحمة التي ليست بحاجة إلي فرض سياسة (السعودة) وإنما جيلاً مصقول المواهب يبحث عنه يستقطب, نريد أن نخلق جيلا وسط الأمم يثمن بأكثر من الذهب والنفط اللذين نسير عليهما.
نريد في عهدكم تأكيد استمرار الدولة في برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، وليؤصَّل في نفوس المواطنين السعوديين الثقة في قيادتهم السياسية، ويمنحهم الارتياح بأنها صمام الأمان لاستقرار الاقتصاد السعودي، ويعطيهم دفعة حقيقية تضيف إليه زخماً وتزيده قدرة على التطلع لغد مشرق. أدرك الملك عبد الله وأدركت الأمة عند تسلمه مقاليد الحكم أولوية الشأن الاقتصادي، عندما استهل حكمه بصدور أمره الذي تضمن زيادة معتبرة في رواتب موظفي الدولة من المدنيين والعسكريين والمتقاعدين بمن فيهم العاملون على بند الأجور، وزيادة مخصصات الأسر المحتاجة من الضمان الاجتماعي, وزيادة الإنفاق على الإسكان الشعبي، وتخصيص 30 مليار ريال إضافية لتحسين وتطوير الخدمات العامة، وتخصيص 15 مليار ريال لبرنامج الصادرات الوطنية،. وعلى رغم هذه الاستمرارية وهذا التواصل، فإن المرحلة الجديدة ستحمل بلا شك سمات وبصمات الملك عبد الله, ولا سيما على المستوى الاقتصادي الذي نحن في حاجة إليه، وذلك من خلال خطة الإصلاح الشاملة والطموحة التي حمل لواءها وليا للعهد والتي سيتابع مسيرتها ملكا.
وثمة اتفاق بأن الوطن في حاجة خاصة إلى إدخال إصلاحات اقتصادية بهدف تخفيف الاعتماد على النفط وتنويع مصادر الدخل، وإشراك القطاع الخاص في عملية التنمية، ومواكبة التطورات الحاصلة بما يمكن الاقتصاد السعودي من الاندماج في الاقتصاد العالمي.
ففي السنوات الماضية، لعب الملك عبد الله، كولي للعهد، دوراً أساسياً في إطلاق الإصلاح إلى الأمام وفي وضع العديد من السياسات والقرارات موضع التنفيذ. ونتيجة لهذا الدور الذي اضطلع به، وللجهود التي بذلها أطلق المحللون ألقاباً عدة على الملك عبد الله الذي اعتبره البعض مهندس الإصلاح واعتبره البعض الآخر وجه الخير وراعيه.
خطوات عملية تم اتخاذها على مدى السنوات الخمس الماضية، وكانت كلها بتوجيه منه شخصيا وبمتابعة مباشرة. بدليل أنه كولي للعهد، ترأس شخصياً المجلس الاقتصادي الأعلى كما ترأس الهيئة العامة للاستثمار، مع الإشارة إلى أن المجلس والهيئة كانا مفتاحين أساسيين لعملية الإصلاح الاقتصادي التي ترجمت فيما بعد بسلسلة من الإجراءات والقوانين والتشريعات, آخرها بعودة الوزير هاشم يماني ومعه أبناء الوطن من جنيف يحملون ثمرة كفاح سنوات من العمل المضني وهي انضمامنا إلي منظمة التجارة العالمية.
إن من أبرز الخطوات الإصلاحية للملك عبد الله بن عبد العزيز وأهمها:
إصدار قانون الاستثمار الذي تضمن جملة من التسهيلات والحوافز للاستثمار الأجنبي، من بينها إمكان التملك، والاستغناء عن الكفيل المحلي، وفتح العديد من القطاعات أمام الاستثمار الأجنبي مما قلص كثيراً من اللائحة السلبية.
إطلاق مبادرة الغاز، التي استهدفت فتح هذا القطاع الحيوي تنقيباً واستخراجاً أمام الاستثمارات الأجنبية.
البدء بعملية التخصيص لقطاعات الاتصالات والكهرباء والمياه، ولاحقاً مرافق البريد والموانئ وسكك الحديد.
إنشاء الهيئة العليا للسياحة بهدف وضع استراتيجية سياحية طموحة تسهم في تنويع مصادر الدخل وتراعي في الوقت نفسه خصوصية المملكة وتقاليد وعادات المجتمع السعودي.
إطلاق هيئة سوق المال التي بدأت عملها أخيراً، وبدأت نتائجها تظهر تباعاً من خلال تنشيط السوق المالية وخلق أدوات تمويل غير تقليدية.
فتح القطاع المصرفي، والسماح للمصارف الأجنبية بتأسيس بنوك أو فروع لها في المملكة، بعدما بقي القطاع المصرفي السعودي مدة طويلة مقتصراً على البنوك المشتركة.
فتح قطاع التأمين أمام الاستثمارات الأجنبية وإصدار القوانين والتشريعات التي تنظم أعمال الشركات العاملة فيه.
إصدار عدد من القوانين والتشريعات المتعلقة بالجمارك والضرائب.
إن لهذه الخطوات ولسواها كان لها الأثر الواضح في النشاط الاقتصادي وعلى تزايد نسبة إسهام القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي، كما كان لهذه الخطوات أثرها في تنويع مصادر الدخل وزيادة حجم الصادرات، واستقطاب الاستثمارات.
ولم يكن الملك عبد الله، يوم كان ولياً للعهد بعيداً في رؤيته عن الإصلاح السياسي والإداري الذي يتكامل مع الإصلاح الاقتصادي. وكولي للعهد لعب الملك عبد الله في السنوات الثلاث الماضية دوراً مهماً في دعم حركة الإصلاح الإداري والسياسي وفي استيعاب الحراك الداخلي نحو التطوير ساعياً إلى ذلك بحكمة وروية وبعد نظر، وعاملاً وفق المعادلات الدقيقة التي توفق بين أهمية المحافظة على الخصوصية وضرورة مواكبة التطور.
وفي هذا الإطار أطلق الملك عبد الله العديد من المبادرات فأنشأ مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني (2003) وترأس هذا المركز تأكيداً على قناعته بأهمية الحوار كطريق لرسم معالم المستقبل، وفي عام 2004 أطلق أيضاً الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان وأتبعها في العام نفسه بإنشاء أول هيئة للصحافيين السعوديين بعد تأجيل متكرر لهذه الهيئة.
وبعد تسلمه مقاليد الحكم أمر الملك عبد الله بتحويل المجمع الأكاديمي إلى جامعة لتكون أول جامعة في المملكة خاصة بالبنات، وستضم الجامعة في المرحلة الأولى خمس كليات هي: الآداب، التربية، الاقتصاد المنزلي، إعداد المعلمات والخدمة الاجتماعية. ولا شك في أن هذه الخطوة تنطوي على أبعاد إصلاحية سيكون لها أثر كبير على المديين المتوسط والبعيد.
والملك عبد الله الذي خبر الحكم سنوات طويلة ورافق شجون وشؤون الحكم يحظى بمحبة الناس ويكن له السعوديون بمختلف فئاتهم احتراماً وتقديراً لصفاته الكثيرة التي يتحلى بها ومن بينها الإيمان والحزم والشجاعة والجرأة، إلى جانب التواضع، وكان قراره هنا بمنع تقبيل اليدين أكبر دليل على ذلك.
ومما لا شك فيه أن هذه الصفات ستساعد الملك عبد الله على قيادة شعبه ورفع مستواه وتوفير فرص التقدم والنجاح أمامه، وتلبية طموحات المجتمع السعودي الفتي الذي يشكل الشباب نسبة كبيرة فيه. الأمر الذي يضع الوطن أمام التحديات للمضي قدماً في عملية التطوير والسعي إلى اعتماد الاستخدام الأمثل للموارد المالية المتوافرة لمستقبل أجيالنا, ودمتم لنا يا وجه الخير .