أثر العمالة الوافدة على أخلاقياتنا

كتوطئة، فإنني من المعجبين بالتنوع، خاصة التنوع الفكري والثقافي، ومن المؤيدين لتعدد الثقافات وتنوعها. لكن هذا لا يمنعني من المطالبة بوضع ضوابط وعقوبات مشددة على الكثير من السلوكيات السيئة التي بدأت تنتشر في مجتمعنا وتعاملاتنا اليومية. من هذه السلوكيات: الكلمات البذيئة، المشاجرة سواء بالأيدي أو المشاجرات والمشاحنات الكلامية التي يمارسها البعض وهو داخل المركبة وعلى مرأى ومسمع فلذات أكبادنا، نشر وتوزيع الممنوعات سواء الأشرطة والأفلام الإباحية والمخدرات وغيرها.
بالطبع، من يمارس هذه السلوكيات ويتصرف بهذا الخلق السيئ هم فئة قليلة من العمالة الرخيصة الوافدة، وذلك لقلة التعليم والتربية والوعي الثقافي لدى تلك الفئة.
هذا الأمر لا يقتصر على جنسية معينة، بل إن معظم الجرائم والمشاكل تتركز في المناطق الفقيرة والتي يفتقد فيها التعليم والوعي الثقافي.
كما أنني لا أزعم أن مجتمعنا يخلو من هذه النوعية، لكنني أحاول البحث عن سبيل لتقليص إعدادها والعمل على نبذ هذه التصرفات والسلوكيات المشينة.
في الجانب الآخر، هناك من الإخوة الوافدين من نفخر بوجودهم بيننا ونتمنى أن يبقوا معنا إلى الأبد، ولقد تعلمنا منهم الكثير والكثير، دون تحديد جنسية أو مذهب أو لغة أو قومية.
من الصعب التغاضي وتجاهل هذه السلوكيات وغض الطرف عنها، وتبرير ذلك بأنها تحصل في كل المجتمعات، ومن الصعب إهمال المشكلة وتركها دون علاج وذلك لأسباب عدة منها على سبيل المثال لا الحصر:
أولا: هذه السلوكيات ليست من الأخلاق الحميدة ونهى عنها الدين الإسلامي وتعاليمه السمحة وتنافي مكارم الأخلاق، والتي نحاول أن نغرسها في الجيل الناشئ، كما فعل أباؤنا وأجدادنا.
ثانيا: تخالف هذه التصرفات الأنظمة والقوانين المعمول بها في المملكة.
ثالثا: قد تتطور هذه السلوكيات، وقد حدثت بالفعل حالات عديدة، إلى جرائم تصل إلى القتل والقصاص.
خامسا: وهو الأهم، تأثيرها وانعكاسها على أخلاقياتنا وسلوك أبنائنا في المستقبل.
سادسا: بما أن معظم الجنسيات من كثير من دول العالم تقيم وتعمل في مملكة الإنسانية، فإن بعض الدول لا تطبق الشريعة الإسلامية في القصاص. وهذا الأمر يختلف حسب اختلاف الدول وأنظمتها، وتطبيق الشريعة الإسلامية في القصاص والأحكام الجنائية، يستغله البعض من الحاقدين، في بعض الدول، لإثارة الرأي العام ضد المملكة وضد إجراءاتها التي يدعون بأنها "تعسفية".
نحن بحاجة إلى تنوع يزيدنا إيجابية ويسهم في رقي أخلاقياتنا وسلوكنا، وليس إلى عمالة رخيصة وافدة تجلب معها كل انحطاط الدولة التي عاشت بها وسلوكها السوقي.
أتمنى أن تشدد القوانين على هذا النوع من العمالة، بحيث تلغى إقامته وعمله بعد إدانته في أي عمل ينافي السلوك والخلق السوي، وأن لا يتم استقدام من يمارس هذا النوع من السلوكيات في المستقبل. وأرجو أن لا يستغل هذا في ظلم البعض واغتصاب حقوقه من ضعفاء النفوس من أبناء جلدتنا.
المشاجرة بالألسن والأيدي في حد ذاته يعتبره البعض أمرا بسيطا، لكنه قد يتطور إلى ما لا تحمد عقباه، كما حدث في بعض الحالات حيث تسببت 25 ريالا إلى فقأ عين أحد المواطنين من قبل أحد الوافدين، الذي حكم عليه الشرع بالقصاص العين بالعين وتثير وسائل إعلام دولته هذا الأمر إعلاميا.
أعتقد أن من قام بهذا العمل، لم تكن هي المرة الأولى التي يمارس بها استعراض العضلات والاقتصاص بالقوة، بل إننا وبعين متفحصة سنجد الكثير من حالات البصق والشتم واستخدام الأيدي وبعض المعدات تنتشر في شوارعنا وتمارسها هذه الفئة من العمالة الوافدة وبعض المواطنين، وأحيانا كثيرة بين العمالة الوافدة نفسها.
كما نحرص على صحة مجتمعنا ووقايته من الأمراض، فإنه حري بنا أن نحرص على عقول وأفكار وأخلاق أجيالنا المقبلة من انتشار هذه التصرفات المشينة بينهم ونجفف منابعها وحماية أنفسنا من التعرض لهذه المواقف والجرائم؟.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي