الهندسة الطبية ومجلس الشورى

هل تساءل أحدنا عن كيفية افتتاح مكتب لمزاولة مهنة الاستشارات في مجال الهندسة الطبية، أو صيانة الأجهزة والمعدات الطبية؟
كيف تحصل على ترخيص لمزاولة مهنة الهندسة الطبية، تعليمها، التدريب والتطوير في مجال الأجهزة والمعدات الطبية، صيانة الأجهزة، وضع المواصفات والمعايير الفنية للأجهزة والمعدات الطبية، فضلا عن مجال التطوير والبحث التقني في هذا المجال؟
هذا السؤال الذي لن تجد له إجابة شافية مهما بحثت، فالهيئة السعودية للتخصصات الصحية معنية بتراخيص مزاولة المهن الصحية، هيئة المهندسين تهتم بشؤون المهندسين، هيئة المواصفات والمقاييس معنية بمواصفات ومعايير الأجهزة والمعدات، وزارة التعليم العالي معنية بالتقييم العلمي لتخصص الهندسة الطبية، المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني بدأت بالدخول في هذا المجال، وكذلك هيئة الغذاء والدواء.
الطامة الكبرى أن الكثير من الهيئات والجهات الحكومية، الأهلية، الأكاديمية، وغيرها بدأت بمحاولة السيطرة على هذا التخصص وبدأت تعلن بين الفينة والأخرى رغبتها في وضع التشريعات الأساسية والتنظيمية التي تضع الهندسة الطبية تحت مظلتها، رغم تشعب وتعدد ودقة التخصص وقلة الخبرة والإمكانيات لدى هذه الجهات.
حسن أن ينال هذا التخصص الحيوي والمهم وغيره من التخصصات كل هذا الاهتمام، لكنني أتمنى أن يكون هادفا وموضوعيا وبحجم وأهمية التخصص.
لكننا في الواقع، للأسف، لم نعد نعرف من هو الأب الشرعي والمرجع الحقيقي الذي بإمكاننا اعتماده ومراجعته عند الرغبة في إصدار ترخيص بمزاولة هذا التخصص وتطويره والاهتمام به وإصدار تراخيصه.
لكن السؤال من هي الجهة أو الهيئة المخولة بإصدار تراخيص مزاولة الهندسة الطبية ومكاتبها الاستشارية، وكيف يتم تقييمها؟
معظم الجهات والهيئات التي ذكرت أعلاه لا يتعدى اهتمامهم بهذا التخصص معرفتهم بأهميته وضرورة إدخال هذا المفهوم لتحسين الخدمات الصحية، الاقتصادية، العلمية، الفنية، وكذلك لا يوجد لهم دور فاعل وحقيقي على أرض الواقع في المساهمة بتطوير وتقييم هذا التخصص.
من المؤكد أن هذه المعضلة ليست قصرا على تخصص الهندسة الطبية، وقد يكون هناك الكثير من التخصصات المماثلة التي تعاني من هذا المأزق النظامي.
إذا ما الوسيلة والطريقة التي بإمكاننا القيام بها للخروج من هذا المأزق والخروج من هذه الدائرة المفرغة؟
نحن نملك من الكوادر والطاقات المتخصصة في هذا المجال الكثير، ومازالت حاجتنا وستبقى ماسة لهذا التخصص الدقيق، فكم أتمنى أن يستعان بهذه العقول والكوادر الوطنية والوافدة لوضع الأسس الصحيحة ورسم الخطط المستقبلية وتنظيمها ووضع التشريعات التي تحدد وتقيم وتؤهل الجهات المخولة بالتدريب، التعليم، التطوير، الترخيص، وغيرها.
بما أن مجلس الشورى لديه الصلاحيات والإمكانيات لمناقشة ودراسة وتحديد الجهة المتخصصة لإصدار هذا النوع من التراخيص، تقييم التخصص، وضع اللوائح والأنظمة لمزاولة المهنة، وهو الجهة التشريعية المخولة لمناقشة هذا النوع من القضايا وإصدار اللوائح التنظيمية الموضحة لذلك، فإنه حريُّ بمجلس الشورى أن يناقش هذا التخصص المهم والحيوي وغيره من التخصصات المثيلة، التي تعاني من المشكلة نفسها وتفتقد الجهة المرجعية المتخصصة والوحيدة.
أتمنى أن يتكرم مجلس الشورى الموقر ويأخذ هذه القضية بعين الاعتبار وتتم مناقشتها وتنظيمها وتحديد الجهات المختصة وتوزيع المهام بشكل أكثر وضوحا وسلاسة وتنسيقا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي