الابتكار والإبداع ودور البحث العلمي
في ظل غفوتنا عن البحث العلمي وأثره على الإبداع والابتكار ودوره في تنمية الشعوب والأمم وتباطؤنا في سرعة المبادرة لتبني مفهوم الابتكار والإبداع وتشجيع البحث العلمي، تنامت ونشط الكثير من الدول التي من حولنا وكنا نرمز ونلمز لها ولشعبها بشتى أنواع النعوت.
كيف نستطيع أن نتبنى مفهوم الإبداع والابتكار، وما هي الأسس والمقومات التي يجب علينا انتهاجها لتعميق هذه المفاهيم؟
تلعب الأبحاث والتطوير دورا مهما في ترسيخ مفاهيم الابتكار والإبداع وتسهم مساهمة فعالة وسريعة المفعول في تعليم وتطوير الشعوب والأمم التي تتبنى مفهوم البحث العلمي والتطوير، ويظهر ذلك جليا في عدد براءات الاختراع والصناعات الجديدة والمتقدمة التي تخدم العالم المتقدم نتيجة للأبحاث الصناعية في هذا التخصص وذاك المجال وغيرها من الأبحاث والدراسات.
تعتبر ثقافة البحث والتطوير هي الأساس في ترسيخ مفهوم الإبداع وتنميته وتسهم مساهمة فعالة في نشر هذه الثقافة بين الشباب المتعلم وتوجيهه إلى الإبداع والابتكار نتيجة لضلوعه في أسس وأساليب وأدبيات البحث العلمي.
قبل عدة عقود من السنوات بدأت روح البحث العلمي تدب في جامعاتنا ومراكز أبحاثنا وبدأنا نسمع عن بعض الإنجازات هنا وهناك، لكن هذا النشاط والحيوية سرعان ما تلاشى وحلت محله ثقافات ومفاهيم أخرى لا تمت للبحث العلمي بصلة من قريب أو من بعيد.
فلماذا بدأت هذه الثقافة بالتلاشي، ولماذا أصبح مصطلح البحث العلمي نادرا في جامعاتنا وبين شبابنا الجامعي؟
هذا الأمر بحاجة إلى إعادة نظر ودراسة جيدة لتوضيح الأسباب والمسببات، ومحاولة نشر ثقافة الإبداع والابتكار بين الباحثين وزيادة عددهم وإمكانياتهم المادية والمعنوية.
كما أن تشجيع الباحث وتكريمه وخلق المزيد من الفرص والمغريات لاجتذاب أصحاب المؤهلات العلمية للدخول في مجال البحث العلمي والتطوير أمر في غاية الأهمية لرقي الدول والشعوب والأمم.
فلنتكاشف ونتساءل عن المميزات التي يحصل عليها الباحث، وعن الميزانيات المخصصة للبحث العلمي والتطوير في كل قطاعاتنا الحكومية والأهلية.
إن ميزانية البحث العلمي لا تتجاوز في مخصصاتها الرقم الثالث بعد الصفر العشري، ويكاد ينعدم دعم الباحث وتشجيعه على جميع المستويات الاجتماعية.
فكيف نصبح مجتمعا وشعبا مبدعا في ظل انعدام الدعم والتشجيع؟
نحن بلد وهبه الله من الخير الكثير، ونملك من الإمكانيات المادية والبشرية ما يؤهلنا لتولي زمام قيادة البحث العلمي في الوطن العربي وكذلك العالمي، ولست مبالغا في ذلك لأن الشواهد والدلائل والإنجازات التي أبدعها أبناء هذا الوطن الحبيب في المجالات التي تم دعمها وتشجيعها واضحة للعيان وتفوقت على المستوى العالمي.
أتمنى ألا تذهب الطفرات واحدة تلو الأخرى هدرا دون البنية التحتية للبحث العلمي وبناء أسس وثقافة البحث العلمي والتسابق للالتحاق بهذا المجال والإنجاز في مجال البحث العلمي والتطوير كي نجد الإبداع والابتكار منتشرا في جامعاتنا ومراكز أبحاثنا ونجد نتائجه في صناعاتنا وعدد الاختراعات.
لسنا بحاجة إلى التذكير بأهمية البحث العلمي وسر تقدم وتطور الأمم من حولنا لأن شواهده وإنجازاته واضحة للعيان، لكننا بحاجة إلى مَن يتبنى هذا المفهوم ونشر ثقافة البحث والتطوير وترسيخها في الجامعات ومراكز الأبحاث في ظل توافر الإمكانيات المادية والبشرية. والله من وراء القصد.