الملتقيات العلمية .. قدرات واحتياج أم علاقات شخصية؟

تتطلع أعناق المتابعين والمهتمين في تطوير معارفهم وتحديث معلوماتهم نحو الملتقيات والندوات العلمية، وتكتسب هذه الملتقيات العلمية صفة الرسمية في غالب الأحيان، للأسف الشديد طبعا، ويطغى عليها طابع المجاملات الشخصية للمديرين والمسؤولين في القطاعات المختصة، رغم أن الهدف الحقيقي من وراء إقامة هذه الندوات والمؤتمرات العلمية هو عرض نظريات وأبحاث المختصين سواء كانوا مسؤولين أو باحثين في القطاعات الحكومية والخاصة.
مصيبة كبرى أن تصل المجاملات إلى المؤتمرات والندوات العلمية لتلميع المسؤولين بعضهم بعضا، خاصة من يكتب لهم الغير أوراقهم المقدمة في الندوات العلمية، وجل ما نطالب به هو إبعاد العلم والتعليم والتطوير عن "امسك لي واقطع لك".
فهل مؤتمراتنا وملتقياتنا العلمية موقع للمجاملات والعلاقات الشخصية أم مكان وفرصة لتبادل الآراء والنقاش حول التخصصات التي عقدت من أجلها الندوات والمؤتمرات العلمية؟
المتابع للكثير من المؤتمرات والندوات العلمية يجد أنها تتصف بتكرار الأشخاص أنفسهم، والأفكار التي تم عرضها في ندوات سابقة خاصة من بعض المديرين والمسؤولين.
يدخل في سياق المؤتمرات والندوات العلمية الاجتماعات والملتقيات التي تتبناها بعض الجمعيات المختصة والجهات الحكومية والأهلية، حيث يتركز قبول الورقة العلمية ونشرها على موقع الشخص في الهرم الإداري دون الالتفات لقيمتها العلمية من قبل اللجان العلمية التي يفترض فيها قبول ورفض الأوراق العلمية المقدمة.
قلة هم من تم ترشيحهم لرئاسة بعض الجمعيات العلمية من قبل أصحاب الاختصاص دون الرجوع إلى مواقعهم في العمل، خاصة الحكومي.
لقد أكل الدهر وشرب على الكثير من أفكار وإنتاجية رؤساء مجالس الجمعيات والهيئات العلمية ولم يعد لديهم ما يستطيعون تقديمه لجمعياتهم، بل إن أفضل شيء من الممكن أن يقدموه هو ترك الموقع لدماء جديدة تضخ أفكارا وأساليب جديدة في التطوير والمعرفة.
من الممكن أن تقبل المجاملات والعلاقات العامة في الكثير من الأمور، لكنها في العلم والتعليم مرفوضة نهائيا، ولا مكان إلا للعلماء والمختصين، بعيدا عن الموقع الإداري والعلاقات الشخصية.
يؤسفني أن الكثير من اللجان العلمية لا تملك صلاحية قبول الورقة العلمية أو رفضها، خاصة إذا تم التوجيه مسبقا بالأسماء التي سيتم إدراجها في قائمة الأوراق العلمية ومتحدثي المؤتمر أو الندوة العلمية.
كما أن البعض من أعضاء اللجنة العلمية لا يعلم بعضويته في اللجنة العلمية، حيث لا حاجة لهكذا لجنة حيث تم الترتيب والإعداد مسبقا للأسماء والمشاركات.
إضافة إلى رفض بعض الأوراق العلمية القيمة وذلك لعدم وجود حاجة لمجاملة مقدم الورقة العلمية دون مراجعتها وتقييمها علميا.
إنني لا أقلل من قيمة أحد، ولكنني أتمنى أن يُعاد النظر في تقييم الأوراق العلمية دون النظر إلى الاسم، حيث هناك الكثير من الأبحاث والأوراق العلمية لطلاب المرحلة الجامعية والدراسات العليا تفوق في أهميتها العلمية كلمة رئيس الندوة واللجنة المنظمة، يتم تجاهلها ورفضها دون إبداء أسباب علمية.
يبدو أن اللجان العلمية لدينا لا تعرف قيمة ما تقوم به، إذا افترضنا وجود لجنة علمية، من حيث شروط قبول الأوراق العلمية ورفضها.
إننا بهذا الأسلوب اللاعلمي نهدر الكثير من الطاقات والأفكار العلمية وندفنها قبل ميلادها، ولا نتيح الفرصة للمواهب والقدرات الشابة لعرض دراساتهم وأبحاثهم في مجالات تخصصاتهم ومناقشتهم والاستفادة من الطاقة والحماس لدى هؤلاء الشباب.
كما أننا فرغنا المؤتمرات والندوات العلمية من هدفها الحقيقي وهو تبادل الخبرات ومناقشة الأفكار والمعلومات وعرض مستجدات الدراسات والأبحاث العلمية.
في الختام، أتمنى أن تنتهي وتتلاشى ظاهرة العلاقات العامة والمجاملات في ندواتنا وملتقياتنا العلمية لتتم الاستفادة منها، وتقييم الأوراق العلمية دون النظر إلى أسماء مقدميها، إضافة إلى عدم ترتيب وإعداد الأسماء والشخصيات المتحدثة في الملتقى العلمي مسبقا.
والله من وراء القصد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي