التجار يبعثون يوم القيامة فجارا
دين الإسلام رغب في طلب الرزق وحث على السعي في الأرض للأخذ من خيراتها وبركاتها، قال تعالى: "هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه" وقال سبحانه: "وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله" والنبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، ولما كانت التجارة كثيرا ما يسلك أربابها طرقا ملتوية من التغرير والتدليس والغش والخداع، أخبر النبي صلى الله عليه وسلم كما ثبت عن الترمذي وغيره من حديث إسماعيل بن عبيد بن رفاعة عن أبيه عن جده، أنه خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المصلى فرأى الناس يتبايعون فقال: "يا معشر التجار فاستجابوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ورفعوا أعناقهم وأبصارهم إليه" فقال: "إن التجار يبعثون يوم القيامة فجارا إلا من اتقى الله وبر وصدق".
قال القاضي: "لما كان ديدن التجار التدليس في المعاملات والتهالك على ترويج السلع بما تيسر لهم من الأيمان الكاذبة ونحوها حكم عليهم بالفجور واستثني منهم من اتقى المحارم وبر في يمينه وصدق في حديثه". فأوجه سؤالا إلى كل تاجر من أي الفريقين أنت؟ أأنت ممن يصدق في حديثه وبيعه ويتقي الله في المتعاملين معه فلا تبع السلعة بأكثر من ثمنها أو تغش وتغرر غيرك وتدلس عليهم لينساقوا وراءك وتأخذ ما في أيديهم؟ هل تبر في يمينك وتخشى ربك في سرك وعلانيتك وتعلم يقينا أنك محاسب على كل ما في يدك أمام حكم عدل لا تخفى عليه خافية ويعلم السر وأخفى، أم أنت ممن يكذب ويغرر بنشر الإشاعات الكاذبة حتى تصطاد غيرك بشباك كذبك وخديعتك وتروج سلعتك بالأيمان الكاذبة؟ ثبت في البخاري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم، رجل حلف على سلعة لقد أعطي بها أكثر مما أعطى وهو كاذب ورجل حلف على يمين كاذبة بعد العصر ليقتطع بها مال رجل مسلم" فاختر لنفسك أي المنزلتين "ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار" وإن الله ليملي للظالم حتى أخذه لم يفلته، فاصدقوا أيها التجار في بيعكم وشرائكم وراقبوا ربكم في معاملاتكم وأحبوا لإخوانكم ما تحبونه لأنفسكم فقد ثبت عن رسول الله أنه قال: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" وبروا في أيمانكم تسعدوا في الدنيا والآخرة وتكونوا ممن قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم "ذهب أهل الدثور بالأجور". وإلى الملتقى