فتاوى الأسهم ضوابط ومحاذير (3)

<a href="mailto:[email protected]">d_almakdob@hotmail.com</a>

إن من المآسي التي نعيشها هذه الأيام أن تطفل على الفتوى الدخلاء وخاضوا في مسائل تعم بها البلوى، يغريهم في ذلك هالة إعلامية وأناس أغرار يظنون أن كل متعالم عالم وكل تنصب للفتوى إمام الإسلام ومفتي الأنام. دخل رجل على ربيعة فرآه يبكي فقال: ما يبكيك أمصيبة حلت بك؟ وارتاع لبكائه، قال: لا ولكن استفتي من لا علم عنده وظهر في الإسلام أمر عظيم. قال: ربيعة ولبعض من يفتي ها هنا أحق بالحبس من السراق. قال بعض العلماء فكيف لو رأى ربيعة زماننا؟ قلت كيف لو رأى هذا العالم زماننا وتخبط الفتوى وتباينها في ظل ظهور عدد ممن يتتبعون شواذ الأقوال ومرجوج الآراء ويتعللون بأنهم سبقوا لهذا القول ولم يأتوا بقول محدث، وتصديق هذا ما ثبت في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا". فكم هم الرؤوس الجهال الذين ديدنهم التجاسر على الفتوى ودأبهم التجرؤ على التحليل والتحريم يتكلمون بما يعلمون وما لا يعلمون وهم من أجهل الناس في تفصيل أحكام الشريعة:
قل لمن يدعي في العلم فلسفة علمت شيئا وغابت عنك أشياء
فليس كل من ألف مؤلفاً أو لبس عباءة أو كور عمامة أو نال شهادة أو أبلغ في موعظة عد شيخ الإسلام ومفتي الأنام، يحكم في العقائد والأموال والدماء والأعراض وكأن الأمر شربة ماء، أما علم هؤلاء أن الجرأة على الفتوى جرأة على النار، وأن التجاسر عليها اقتحام لجراثيم جهنم وأنهم يجعلون من ظهورهم جسورا على متن جهنم، بقول الله تعالى "ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا" روى ابن سيرين أن ابن عمر قال لابن مسعود نبئت أنك تفتي الناس ولست بأمير، فولِّ حارها من تولى قارها "أي ولِّ حرارة الفتوى من تولى شرف الفتوى ونصب مفتياً، وإن عجباً ما أسمعه بين المتعاملين بالأسهم ويتناقلونه من قوائم الأسماء شركات سميت نقية وهل للنقاء ضابط محدد؟ وإذا اجتهدت في بيانه فقد أقول: المراد بها في ظني الشركات التي نشاطها وتمويلاتها وجميع استثماراتها مشروعة وليس فيها أية مخالط محرم مطلقا لا كثير ولا يسير فهي نقية تماماً من الحرام تعاملاً وعملاً وتمويلاً واستثماراً، فهل مثل هذه الشركات ممكن أن توجد في مثل هذه الشركات في أيامنا؟ وفي أسواقنا؟ لعلي أوضحه في يوم غد إن شاء الله، وإلى المتلقي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي