تأخير الصلاة عن وقتها

إن تأخير الصلاة عن وقتها دون عذر أمر خطير جدا، قال الله تعالى: "فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات" قال طائفة من السلف: إضاعتها تأخيرها عن وقتها ولو تركوها لكانوا كفارا. ولهذا اتفق العلماء على أن الرجل إذا كان عريانا فإنه يصلي في الوقت عريانا والمسافر إذا عدم الماء يصلي بالتيمم في الوقت باتفاق العلماء وإن كان يجد الماء بعد الوقت وكذلك الجنب المسافر إذا عدم الماء تيمم وصلى ولا إعادة عليه باتفاق الأئمة الأربعة، وإن كان البرد شديدا فخاف إن اغتسل أن يمرض فإنه يتيمم ويصلي في الوقت ولا يؤخر الصلاة حتى يصلي بعد الوقت باغتسال، وإذا كانت عليه نجاسة وليس عنده ما يزيلها به صلى في الوقت وعليه النجاسة كما صلى عمر بن الخطاب وجرحه يثعب دما ولم يؤخر الصلاة حتى خرج الوقت ومن لم يجد إلا ثوبا نجسا فإن أصح الأقوال أنه يصلي فيه ولا يعيد، والمرأة الحائض إذا انقطع دمها في الوقت ولم يمكنها الاغتسال إلا بعد خروج الوقت تيممت وصلت في الوقت. قال شيخ الإسلام: ومن ظن أن الصلاة بعد خروج الوقت بالماء خير من الصلاة في الوقت بالتيمم فهو ضال جاهل. أ.هـ.
وإذا استيقظ آخر الفجر ويخشى إذا اغتسل طلعت الشمس وخرج وقت الفجر فجمهور العلماء يقولون: يغتسل ويصلي بعد طلوع الشمس، وقيل يتيمم ويصلي قبل طلوع الشمس كما تقدم في تلك المسائل، لأن الصلاة في الوقت بالتيمم خير من الصلاة بعده بالغسل، والأظهر أنه يغتسل ثم يصلي ولو خرج الوقت لأن الوقت في حق النائم من حين يستيقظ كما قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ "من نام عن صلاة، أو نسيها فليصلها إذا ذكرها فإن ذلك وقتها"، فالوقت في حق النائم هو من حين يستيقظ وما قبل ذلك لم يكن وقتا في حقه. وإذا كان كذلك فإذا استيقظ قبل طلوع الشمس فلم يمكنه الاغتسال والصلاة إلا بعد طلوعها فقد صلى الصلاة في وقتها ولم يفوتها بخلاف من استيقظ في أول الوقت فإن الوقت في حقه قبل طلوع الشمس فليس له أن يفوت الصلاة وكذلك من نسي صلاة وذكرها فإنه حينئذ يصلي في أي وقت كان وهذا هو الوقت في حقه، عن أبي هريرة أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين قفل من غزوة خيبر سار ليله حتى إذا أدركه الكرى عرس ـ أي نام وقال لبلال اكلأ لنا الليل أي وصية منه صلى الله عليه وسلم لبلال أن يوقظهم إذا طلع الفجر، فصلى بلال ما قدر له ونام رسول الله وأصحابه فلما تقارب الفجر استند بلال إلى راحلته مواجها الفجر أي جعل وجهه جهة الفجر يرقب طلوعه فغلبت بلالا عيناه فنام وهو مستند إلى راحلته فلم يستيقظ رسول الله ولا بلال ولا أحد من أصحابه حتى ضربتهم الشمس فكان رسول الله أولهم استيقاظا ففزع رسول الله فقال أين بلال فقال بلال أخذ بنفسي الذي أخذ بنفسك بأبي أنت وأمي يا رسول الله, قال رسول الله اقتادوا رواحلكم فاقتادوها فإن هذا منزل حضرنا فيه الشيطان ثم توضأ رسول الله وأمر بلالا لإقامة الصلاة فصلى بهم الصبح، فلما قضى الصلاة قال من نسي الصلاة فليصلها إذا ذكرها فإن الله قال "وأقم الصلاة لذكري". وإلى الملتقى.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي