تغير الأخلاق
<a href="mailto:[email protected]">d_almakdob@hotmail.com</a>
سؤال يتردد كثيرا: هل يمكن تغير الأخلاق من قبيح إلى حسن؟ وما الطريقة؟
الجواب: إن الناس على رأيين: الأول: أنها لا تتغير، والثاني: أنها تتغير، وهذا هو الصحيح، لأن الأخلاق على ضربين: منها ما هو جبلي، ومنها ما هو اكتسابي يأتي بالتدريب والممارسة والمحاكاة، بل كيف ينكر عدم تغير خلق الإنسان وتغير خلق الحيوان البهيم ممكن؟! فالبازي ينقل من الاستيحاش إلى الأنس، والكلب من شره الأكل إلى التأدب والإمساك عن الصيد بعد إمساكه، والفرس من الجماح إلى السلاسة. فإذا كان هذا شأن الحيوان فأجدر بالإنسان أن يغير خلقه.
وأما أسباب اكتساب حسن الخلق فهي كثيرة:
وأولها: سلامة العقيدة، فشأن العقيدة عظيم وأمرها جليل، فكل انحراف في السلوك إنما هو ناتج عن خلل في العقيدة، قال الغزالي: "آداب الظواهر عنون آداب البواطن، وحركات الجوارح ثمرات الخواطر، الأعمال نتيجة الأخلاق، وأنوار السرائر هي التي تشرق على الظواهر فتزينه، ومن لم يكن صدره مشكاة الأنوار الإلهية لم يفض على ظاهره جمال الآداب النبوية" انتهى كلامه رحمه الله بتصرف. فالناس إذا صحت عقائدهم زكت نفوسهم، واستقامت أخلاقهم تبعا لذلك.
ثانيا: الدعاء، فهذا أعظم الناس أخلاقا، وأكملهم صفات، يدعو ربه أن يرزق حسن الخلق، فيقول: "اللهم اهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت، اللهم جنبني منكرات الأخلاق والأهواء والأعمال والأدواء".
ثالثا: المجاهدة، فمجاهدة النفس على حسن الخلق وكبحها عن سيئها يجعلها تتحلى بأحسن الأخلاق، ويقرب عون الله، قال تعالى: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين). والمجاهدة لا تعني أن يجاهد العبد نفسه مرة أو مرتين، بل تعني أن يجاهد نفسه حتى يموت، قال تعالى: (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين).
ومن ذلك المحاسبة بنقد النفس إذا ارتكبت أخلاقا ذميمة، وحملها على عدم العودة. ومنه التفكر في عواقب سوء الخلق بتأمل فيما يجلبه من الأسف الدائم والهم اللازم والحسرة والندامة والبغض في قلوب الخلق.
إلى الملتقى