متابعة الإمام في الصلاة
إن اقتداء المأموم بإمامه واجب، ويحرم على المأموم أن يسابق أمامه في قيامه أو قعوده، ويشكل هنا مسألة قد يغفل عنها كثير من الأئمة والمأمومين، ألا وهي جلسة الاستراحة، فأصل حكم جلسة الاستراحة مما اختلف فيه، ولكن إذا جلس الإمام للاستراحة على المأموم أن يتابع إمامه لئلا يسبقه في قيامه، ويتأكد في حق الأئمة ألا يوقعوا من وراءهم في الحرج لعدم معرفتهم بجلوس الإمام للاستراحة، مما يترتب عليه أن يسبق المأموم إمامه وخصوصاً في المساجد الكبيرة، والتي ليست لمأمومين محصورين وقد اتفق العلماء على أن جلوس المصلي بعد رفعه من السجدة الثانية من الركعة الأولى والثالثة وقبل نهوضه إلى الثانية والرابعة ليس من واجبات الصلاة، ولا من سننها المؤكدة ثم اختلفوا بعد ذلك هل هو سنة فقط أو ليس من هيئات الصلاة أصلاً، إذ هي جلسة خفيفة صفتها كالجلوس بين السجدتين، فإذا أراد القيام للركعة الثانية جلس جلسة خفيفة ثم قام للركعة الثانية وسميت جلسة استراحة، فهي طلب للراحة كأن المصلي يشق عليه القيام للركعة الثانية مباشرة، فيجلس جلسة خفيفة يتقوى بعدها للقيام للركعة الثانية، وقد ثبت فعلها في الأحاديث الصحيحة، فقد روى البخاري وغيره عن مالك بن الحويرث أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ "كان يجلس إذا رفع رأسه من السجود قبل أن ينهض" رواه البخاري، وذكره أيضاً أبو حميد في صفة صلاة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو حديث حسن ويرى أكثر العلماء أن جلسة الاستراحة لا تسن إلا عند الحاجة لها، فأكثر الأحاديث التي وصفت صلاة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم تذكر هذه الجلسة، ومجرد فعلها لا يدل على أنها من سنن الصلاة مطلقاً، لذلك رأى أهل العلم جمعاً بين الأحاديث التي ثبت فيها جلوسه عليه الصلاة والسلام للاستراحة، والأحاديث التي ترد فيها جلسة الاستراحة وهي الأكثر أن يحمل جلوسه عليه الصلاة والسلام كانت في آخر عمره عند كبره جمعاً بين الأخبار واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وقال الترمذي والعمل عليه عند أهل العلم، والأمر هنا واسع ولله الحمد والمنة.
إن عرض للإمام في الصلاة عارض يمنعه من إكمال صلاته حدث أو مرض أو نحوهما، فليس له أن يستمر في إمامته وهو محدث بل يتأخر الإمام ويقدم من يكمل بالمأمومين صلاتهم، وخليفة الإمام يكمل الصلاة ولا يستأنفها من جديد لقصة عمر ـ رضي الله عنه ـ لما طعن وهو في الصلاة فإنه استخلف عبد الرحمن بن عوف وأكمل بالمسلمين صلاتهم ولم يستأنفها من أولها إلا أن الأولى إذا قطع الإمام الصلاة وهو أثناء قراءة الفاتحة أن يبدأ الإمام المستخلف قراءة الفاتحة من جديد، لذا استحب أن يلي الإمام أولو الأحلام والنهى ومن يصلح لإمامة المصلين ليفتحوا على الإمام إذا انغلق عليه القرآن ويسبحوا به إذا سها ويخلفوه إذا نابه شيء في الصلاة، وأولو الأحلام هم البالغون والنهى العقلاء وقد روي عن عمر بن الخطاب أنه إذا رأى صبياً في الصف أخرجه.