زمن إزالة الحوائط .. اقتصاد المعرفة (1)

[email protected]

يتجه العالم نحو اقتصاد المعرفة الذي تزداد فيه نسبة القيمة المضافة المعرفية بشكل كبير، والذي أصبحت فيه السلع المعرفية أو سلع المعلومات من السلع المهمة جداً، وتساعد تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في نمو اقتصاد المعرفة.
ما هو اقتصاد المعرفة؟ هو الاقتصاد الذي يلعب فيه نشوء واستثمار المعرفة دورا في خلق الثروة.
ويعتبر اقتصاد المعرفة فرعاً جديداً من فروع العلوم الاقتصادية، يقوم أساساً على الثورة الاتصالية غير المسبوقة، والتي تتجاوز في حجمها ونوعيتها وآثارها ما سبق أن أنجزته البشرية من اختراعات وإبداعات وابتكارات طوال تاريخها. فالتوظيف المتزايد لتقنيات الإعلام والاتصال والمعلومات في مجمل الأنشطة أصبح سمة تميّز عالمنا اليوم.
وزالت حوائط المسافات و اللغة والاختلافات العرقية والسياسة والتقنية، حيث يقوم فهم جديد عميق لدور المعرفة، لقد أدخلت ثورة المعلومات المجتمعات العصرية المتقدمة في الحقبة ما بعد الصناعية. وقد باتت المعلومات مورداً أساسياً من الموارد الاقتصادية له خصوصيته, بل إنها المورد الاستراتيجي الجديد في الحياة الاقتصادية, المكمل للموارد الطبيعية.
وتشكل تكنولوجيا المعلومات في عصرنا الراهن العنصر الأساسي في النمو الاقتصادي، فالتقدم الحاصل في التكنولوجيا، والتغير السريع الذي تحدثه في الاقتصاد، يؤثران ليس في درجة النمو وسرعته فحسب, وإنما أيضاً في نوعية حياة الإنسان، ومع التطور الهائل لأنظمة المعلوماتية, تحولت تكنولوجيا المعلومات إلى أحد أهم جوانب تطور الاقتصاد العالمي, حيث بلغ حجم السوق العالمية للخدمات المعلوماتية عام 2005 نحو 1.5 تريليون دولار.
والاقتصاد الذي سيسود في القرن الحادي والعشرين هو الاقتصاد المعرفي Knowledg Econmy ويقدر الاقتصاديون حالياً أن أكثر من 50 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي GDP في دول OECD مبني على المعرفة.
والاستثمار في المعلومات أصبح أحد عوامل الإنتاج، فهو يزيد في الإنتاجية كما يزيد في فرص العمل.
لقد زاد معدل التغيير التكنولوجي بشكل كبير خلال الـ 30 سنة الماضية.
ومن الواضح أنه سيكون للثورة التكنولوجية الجديدة أثر كبير في توزيع الدخل, سواء في داخل البلدان أو فيما بينها، بحيث تجري هذه العملية لمصلحة الفئات الأكثر احتكاكاً بالتكنولوجيا الجديدة, ولمصلحة الاختصاصات العصرية والأكثر حداثة، التي يغلب فيها عنصر الشباب, وذلك على حساب المجالات والاختصاصات التقليدية، كما أنها ستكون لمصلحة كبار المنتجين والشركات الكبرى العابرة للقوميات والمؤسسات ذات الإنتاج الموجَّه للتصدير، وبديهي أنها ستكون أيضاً في مصلحة الدول الأكثر تطوراًً، القادرة على الاستفادة من الميزات المطلقة والنسبية التي يوفرها لها امتلاك التكنولوجيا.
وبدأت دول الخليج قفزات كبيرة في هذا الاتجاه، وعلى سبيل المثال فإنه من المتوقع أن تنمو سوق إدارة الوثائق والمحتوى في دول مجلس التعاون الخليجي بمعدل 32 في المائة خلال الفترة المقبلة، وتأتي هذه التوقعات في ضوء معدلات الطلب المتزايدة لتبني حلول إدارة المحتوى من قبل الهيئات الحكومية وشبه الحكومية والشركات العاملة في قطاع النفط والغاز والمؤسسات المصرفية. وتتوقع الدراسات أن يصل حجم الإنفاق على برامج وخدمات إدارة المحتوى والمستندات في دول مجلس التعاون الخليجي إلى 94 مليون دولار أمريكي، كما أن حجم الإنفاق على حلول إدارة المحتوى خلال عام 2004 قد بلغ 23 مليون دولار أمريكي في الإمارات و16 مليون دولار في السعودية.
ورغم النشاط الملحوظ في دول الخليج وخاصة في الإمارات، إلا أن الدول العربية في مجملها مازالت في موقع المتلقي السلبي, لا المنتج, لثمار وإنجازات الثورة العلمية التكنولوجية في كل مراحلها
وإنتاج المعرفة والقدرة على ذلك هو السمة الأساسية المميزة لمجتمع المستقبل. فكأن الذي يميز مجتمع المعرفة ليس هو الحصول على المعلومات أو إمكان استخدامها بكفاءة وتسخيرها لتحقيق أهداف معينة ومحددة رغم أهمية هذه الوظيفة, وإنما الذي يميز ذلك المجتمع ويحدد قدرته على البقاء والصمود والتقدم والمنافسة هو (إنتاج) هذه المعرفة.
وحسب اقتصادات النمو الجديدة، تعتمد قدرة بلد على الاستفادة من اقتصاد المعرفة على مدى السرعة التي يمكن من خلالها أن يتحول إلى اقتصاد تعليمي والتعليم لا يعني فقط استخدام التكنولوجيا الحديثة للوصول إلى المعرفة الشاملة وإنما يعني أيضا استخدامها للاتصال مع الآخرين من أجل الإبداع. ففي الاقتصاد التعليمي المعرفي يكون الأفراد والشركات والبلدان قادرين على إنتاج الثروة بحسب قدرتهم على التعلم ومشاركة الإبداع. ليتحولوا تدريجياً إلى مجتمع المعرفة.
وهذا موضوع المقالة التالية إن شاء الله.

مستشارة إدارية واقتصادية

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي