الأدوات المالية في سوق الأسهم السعودية

[email protected]

تعاني السوق المالية السعودية قلة الأدوات المالية بالمقارنة بباقي الأسواق المالية العالمية أو الإقليمية حيث إن الأدوات المالية المتاحة حاليا للشركات تعتمد بشكل رئيسي على: الأسهم العادية (أسهم جديدة أو أسهم حقوق الأولوية) والاقتراض المصرفي (قروض أو تسهيلات) وأخيرا السندات أو الصكوك الإسلامية، في حين يتاح للمستثمر الأسهم العادية والتمويل بالهامش.

في الوضع الحالي، فإن إصدار الأسهم العادية للمرة الأولى (شركة حديثة التأسيس) أو لفترات لاحقة (أسهم حقوق الأولوية) يمثل إصدارا لأدوات ملكية تسعى من خلاله الشركات إلى تأسيس أو رفع رأس المال سواء تضمن ذلك علاوة الإصدار (لشركات قائمة) أو من دون (لشركات حديثة التأسيس). بالنسبة للقروض المصرفية، فهي أدوات دين تأخذ أشكالا متعددة مثل: القروض قصيرة ومتوسطة الأجل (بفائدة ثابتة أو متغيرة) أو تسهيلات الجاري مدين التي تمنح العميل خطا ائتمانيا بفائدة متغيرة يستخدمه عند الحاجة في حين تبرز السندات والصكوك الإسلامية كأدوات دين بديلة تتاح للشركات التي ترغب في تنويع مصادر تمويلها مع تكلفة أقل. بالنسبة للمستثمر، فإن أمامه خيارين إما الأسهم العادية كأداة ملكية وإما التمويل بالهامش كأداة دين.

في السياق نفسه، تعتبر محدودية الأدوات المالية عاملا مهما يؤثر سلبيا في الهيكلة الحالية للسوق المالية السعودية ولهذا تسعى هيئة السوق المالية مشكورة إلى تطوير الأدوات المتاحة أو تلك التي لم تتح بعد ضمن جهودها الرامية إلى تطوير السوق المالية بشكل عام حيث تفتقد سوقنا حاليا العديد من الأدوات المالية الضرورية بهدف تنويع القنوات التمويلية والاستثمارية، التي نرى أن يتم تقديمها ضمن إطار شريعتنا الغراء، منها على سبيل المثال لا الحصر:

1. الأسهم الممتازة التي تتيح للشركات رفع رأس المال مقابل دفع توزيع نقدي سنوي محدد دون حصول المساهمين الجدد على حق التصويت في الجمعيات العمومية ودون لجوء الشركة لأدوات دين ترفع من حجم المديونية بالمقارنة بقيمة حقوق المساهمين.
2. أسهم الخزانة التي تتيح للشركات تخفيض رأس المال (بطريقة غير مباشرة لفترة مؤقتة) في جانب الالتزامات مقابل تخفيض النقدية في جانب الأصول بهدف رفع ربحية السهم وتخفيض مكررات الربحية.
3. المشتقات المالية، التي تتكون أساسا من عقود الخيار والعقود المستقبلية وعقود المبادلة لإعطاء المستثمر خيارات أوسع من القنوات الاستثمارية والاستفادة من ميزة الرفع المالي (تحديدا في عقود الخيار والعقود المستقبلية).
4. البيع المسبق، الذي يتيح للمستثمر المتشائم اقتراض أسهم من مالكها الأصلي للقيام ببيع الأسهم أولا ثم شرائها لاحقا لتغطية المركز المكشوف وإعادة الأسهم لصاحبها وهي بذلك تمنح توازنا بين عروض المتشائمين وطلبات المتفائلين.
5. الأوراق المالية القابلة للتحويل سواء تحويل السندات أو الصكوك الإسلامية إلى أسهم عادية أو تحويل الأسهم الممتازة إلى أسهم عادية وهي أداة مهمة تسمح للشركات تحويل أدوات الدين أو الملكية إلى أدوات ملكية (مثل تحويل السندات أو الأسهم الممتازة إلى أسهم عادية) مما يعني تخفيض المديونية أو رفع رأس المال بطريقة مخطط لها ضمن فترة زمنية معينة.
6. أوراق الإيداع الدولية التي تهدف إلى إصدار أسهم عادية جديدة عن طريق اكتتاب خاص بهدف تداولها في أسواق مالية عالمية (مثل سوق لندن للأسهم) وبالتالي تتمكن الشركات من رفع رأس المال والإدراج في أسواق مالية أخرى دون التأثير في العرض النقدي المحلي.
إضافة إلى محدودية الأدوات المالية تبرز مشكلة أخرى لا تقل أهمية عنها وهي كيفية التعامل مع هذه الأدوات المالية في ظل ضعف الوعي بمفاهيم الإدارة المالية بين أعضاء مجالس إدارات الشركات، حيث نجد الكثير منهم يتخذ قرارات تدل على جهل واضح بأبسط هذه المفاهيم. فمثلا، نجد في شركة معينة تصل تكلفة رأس المال فيها نسبة 17 في المائة سنويا بالمقارنة بتكلفة تمويل تصل نسبتها 8 في المائة سنويا إلا أن مجلس الإدارة يوصي برفع رأس المال باستخدام أسهم حقوق الأولوية بدلا من الاقتراض ظنا منهم أنها أقل تكلفة وهو بلا شك خطأ شائع يؤكد ضعف الوعي المالي.
على المنوال نفسه، خطأ آخر سيحدث فيما لو قرر مجلس إدارة شركة معينة تحقيق عائد بنسبة 20 في المائة سنويا على الاستثمار في الأصول استخدام حقها (إذا سمح النظام بذلك) بشراء أسهم الشركة نفسها (ما يعرف بأسهم الخزينة) في الوقت الذي يكون فيه العائد المتوقع على سهم الشركة لا يتجاوز 4 في المائة سنويا وهو أيضا خطأ يؤكد ضعف الوعي الاستثماري بين بعض أعضاء مجالس إدارات الشركات.
بالنسبة للمستثمر، فإن كيفية التعامل مع الأدوات المالية تصبح صعبة عندما يكون هناك قصور في الوعي بمفاهيم الاستثمار والإدارة المالية مما يعرضه إلى أخطاء تكلفه الكثير من الأموال. فمثلا، لو قرر مستثمر ما استخدام التمويل بالهامش الذي يكلفه 9 في المائة سنويا في شراء سهم يعطيه عائدا لا يتجاوز 5 في المائة سنويا مما يعني تحمل المستثمر تكلفة مرتفعة للحصول على عائد محدود آخذين في الاعتبار أن الإطار الصحيح لمفهوم العائد لا يعني المكاسب الرأسمالية وإنما المكاسب من التوزيعات سواء كانت نقدية أو أسهما لأنها هي الهدف الحقيقي لأي استثمار.
حتى نرتقي بسوقنا المالية العزيزة علينا، فإنه لا بد من توسيع قاعدة الأدوات المالية المتاحة أمام الشركات والمستثمرين ولا بد أيضا من رفع مستوى الوعي بمفاهيم الاستثمار والإدارة المالية بين جميع الأطراف ذات العلاقة بالسوق المالية بما في ذلك أعضاء مجالس إدارات الشركات، أعضاء الإدارات التنفيذية في الشركات، المستثمرون بكافة شرائحهم، مديرو الصناديق، مديرو المحافظ، الوسطاء وغيرهم وهي عملية بلا شك تمثل تحديا استراتيجيا أمام هيئة السوق المالية لتطوير هيكلة السوق. الأهم من ذلك هو أن لا تتعارض الأدوات المالية المقترحة مع مبادئ شريعتنا السمحة ونظام الشركات المساهمة ونظام السوق المالية والنظام الأساسي لكل شركة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي