الرعاية الصحية وأثرها في إنتاجية الموظف
كما أن للحياة الحديثة الكثير من الإيجابيات في جوانب عدة، فإن لها تأثيرا سلبيا في الصحة العامة وانتشار الأمراض والأوبئة نتيجة للتلوث البيئي والضغوط النفسية واكتشاف أمراض جديدة، ومعرفة الكثير من مسببات الوفاة التي كانت قبل التطور التقني والتكنولوجي مجهولة لدى الكثير.
مع ازدياد وتسارع النمو السكاني والارتفاع المطرد في الأعمار وانتشار الكثير من الأمراض والأوبئة العضوية والنفسية مثل السرطان، السكر، أمراض القلب والشرايين، وغيرها، أصبح مكلفا على الدولة تقديم الرعاية الصحية الشاملة للمواطنين كافة خاصة في بعض التخصصات والأمراض التي يلزم الانتظار طويلا للحصول عليها، فضلا عن التكاليف الباهظة إذا تم طلبها من المستشفيات الخاصة.
لدى الكثير من الموظفين والعاملين تجارب متنوعة ومختلفة مع مقدمي الخدمات الصحية سواء تلك المقدمة من القطاع العام أو الخاص وتختلف سلبيات وإيجابيات هذه التجارب باختلاف الخدمة الصحية المطلوبة، نوعيتها، جودتها، وأهلية مقدم هذه الخدمة وكفاءته من ناحية القدرة والإمكانات التي يمتلكها.
كما يلعب الترابط الاجتماعي والأسري دورا مهما في ثقافتنا اليومية، فإنه لا يمكن عزل الحالة النفسية التي يكون عليها الموظف والعامل وكمية الخلل الذي يحدث في إنتاجية الموظف عند تعرضه أو أحد أفراد أسرته لمرض عضال يحتاج إلى الكثير من الرعاية الصحية والتكاليف المادية التي لا يتسع لها دخله المحدود وإمكاناته المادية المتواضعة في ظل غلاء متطلبات الحياة اليومية في الأمور الأساسية كافة لحياة الفرد وأسرته، وسيلعب القلق والبحث عن سبل الحصول على الخدمة الصحية دورا لا يمكن تجاهله في تشويش الفكر والاضطراب النفسي للموظف، خاصة إذا كانت المنشأة التي يعمل بها لا تقدم الرعاية الصحية له ولأفراد أسرته ويضطر لعلاجهم على حسابه الخاص أو الانتظار طويلا في قائمة مواعيد المستشفيات الحكومية.
تفيد تقارير منظمة الصحة العالمية أن الأدوية تستأثر بأكثر من 50 في المائة من إنفاق الأسر في البلدان الفقيرة على الخدمات الصحية، بينما تتزايد تكاليف الأدوية والرعاية الصحية بمعدل 8-12 في المائة سنويا وهذا يعتبر أعلى من ازدياد تكاليف المواد الاستهلاكية.
بالنسبة للموظف والعامل فلا تقل أهمية الأمن الصحي والحصول على الرعاية الصحية عن أهمية رغيف الخبز خاصة في ظل الارتفاع المتسارع للأدوية والرعاية الصحية.
من هذا المنطلق تكمن أهمية البحث عن الأمن الصحي والمؤسسة المناسبة التي تتكفل بالرعاية الصحية للموظف وأسرته، كي يتمكن من الإنتاج في عمله والإحساس بالأمن الصحي له ولأسرته ويركز جل تفكيره وطاقته في كيفية زيادة إنتاجيته والنجاح في عمله والارتقاء بجودة هذا العمل، وليس قضاء معظم الوقت، الجهد، والعلاقات في البحث عن سبيل للحصول على الرعاية الصحية اللازمة للموظف أو أحد أفراد أسرته.
تعتبر المؤسسات والشركات الأهلية التي تقدم الرعاية الصحية للموظف ومن يعولهم مغرية للالتحاق بها أكثر من غيرها حتى لو وجدت فروق مادية في الدخل.
البحث عن الأمن الصحي للموظف يفسر السبب وراء الالتحاق بالمؤسسات التي تقدم الرعاية الصحية للموظف وعائلته وحرص غالبية الموظفين على البحث عن هذه المميزات لدى المؤسسات والشركات التي يرغبون العمل بها، كي لا يتحمل ماديا ونفسيا أعباء الرعاية الصحية وتكاليفها وهمومها، إن حصل لها احتياج في المستقبل.
فهل تؤمن كل المؤسسات والشركات الرعاية الصحية لموظفيها وأسرهم؟؟؟
يؤسفني القول إن البعض منها يتجاهل أسرة الموظف ومن يعولهم. والله من وراء القصد.