حرف الدال

حرف الدال

بدأ في الآونة الأخيرة ظهور أسماء معروفة لبعض الناس ومعلوم لدى هؤلاء مستوى مؤهلاتهم, هذه الأسماء مسبوقة بحرف (د) وحرف الدال دلالة على حصول الشخص الموضوع حرف الدال قبل أسمه على شهادة الدكتوراه في علوم الفلسفة في أي تخصص, فمثلا حرف الدال هو اختصار لكلمة دكتوراه وفي اللغة الإنجليزية يرمز للحاصل على شهادة الدكتوراه بحرفي DR ومعناها Doctor of Philosophy فهي شهادة دكتوراه في الفلسفة كما قلت ومن ثم يذكر في الشهادة نوع الاختصاص فيقال إن فلاناً حصل على شهادة الدكتوراه في الفلسفة بتخصص هندسة أو طب أو خلافهما, كما أن الأطباء وتسميتهم باللغة العربية الحكماء فيقال الحكيم الفلاني ومجازاً بدأنا نستخدم اسم طبيب ومشتقة من الطب, وفي اللغة الإنجليزية نضع حرفي MD قبل اسم الطبيب أو الحكيم فيكتب MD ومعناها دكتور في الطب Medical Doctor, المهم أننا في بلادنا الحبيبة بدأت أعداد لا بأس بها تضع حرف الدال على أنه حاصل على شهادة الدكتوراه, وفي ذلك تزوير وكذب وربما أن بعض هؤلاء حصلوا فعلاً على هذه الشهادة ولكن من جامعات غير معترف بها, فيدفع مبلغا من المال للحصول على هذه الشهادة. ولقد قرأت شخصياً إعلانات في صفحات الجرائد تعلن للملأ أن هذه الجامعة تمنح شهادة الماجستير والدكتوراه في تخصصات معينة بالمراسلة, وهنا لي ثلاث ملاحظات أولاها أن الكثير ممن يسعون ويحصلون على هذه الشهادات العليا إنما غرضهم التباهي والتفاخر بأنه استطاع الحصول على أعلى الشهادات وربما أنه في الماضي عندما كان يسعى هؤلاء الدارسون للحصول على الشهادات العليا كان لها مكان في مجتمعنا, أما الآن فأصبحت سخرية, حتى إنه ممن يحملون هذه الشهادات الحقيقية والذين سهروا الليالي الطويلة وتعبوا حتى حصولهم على هذه الشهادات ومن جامعات عالمية معترف بها, أقول حتى هؤلاء وأنا منهم, أصبحنا نخجل من وضع حرف الدال قبل أسمائنا ليس خجلاً من الشهادة التي تعبنا للحصول عليها ولكن لمن لم يعرفوننا حق المعرفة فيظن هؤلاء أننا حصلنا على شهادة الدكتوراه من تلك الجامعات التي تبيع هذه الشهادات, فأصبح ـ ومن هم مثلي ـ عند هؤلاء الناس مزوراً متسلقاً مهيناً لعقول الناس, أما الملاحظة الأخرى فللعلم أن شهادة الدكتوراه تمنح في تخصص معين ضيق يتيح لحامل شهادة الدكتوراه الاستمرار في هذا البحث وتطوير هذه التخصص الضيق النطاق, لذا نرى ومع الأسف أن الكثير ممن حصلوا على شهادة الدكتوراه لم يوفقوا بالاستمرار بالبحوث والدراسات لإفادة بلادهم من تخصصاتهم, لذا أرى اتخاذ الإجراءات التالية:
أولا: على كل حامل لشهادة الدكتوراه ـ ليتم وضع حرف الدال قبل اسمه ـ أن يعادل الشهادة التي يحملها من جهات الاختصاص بوزارة التعليم العالي, وعلى وزارة التعليم العالي رفع القضايا القانونية بعد وضع الضوابط لها على هؤلاء ممن يغشون المجتمع ويدعون شيئا هم أبعد شيء منه.
ثانياً: أرى أن يتم أخذ تعهد على جميع المبتعثين من قبل الحكومة للدراسات العليا وبخاصة الدكتوراه بالاستمرار بالأبحاث والدراسات لأننا نرى ومع الأسف الكثير من أساتذة الجامعات ممن يحملون شهادة الدكتوراه يقومون بالتدريس فقط وليس لهم أي أبحاث أو دراسات, ولا أدل على ذلك من أن من يحمل لقب أستاذ قليلون جداً وبعضهم ممن يحمل لقب أستاذ مشارك, وأغلب أساتذة الجامعة هم ممن يحملون لقب أستاذ مساعد وهو لقب يمنح له حال حصوله على شهادة الدكتوراه وتكليفه بالتدريس, وإني لأرى أن هؤلاء ممن يحملون الشهادات العليا وهم في صروحنا التعليمية عليهم واجب وطني بجانب المصلحة الشخصية من خلال الأبحاث والدراسات التي ربما يكون لها مردود مالي جيد لهم. ثالثا: إن المسئولين سواء في الدولة وعلى أعلى المستويات وكذلك المسؤولين في المراكز العليا في شركات القطاع الخاص يعتقدون أن من يحمل شهادة الدكتوراه هو عالم في مجال حقله, والحقيقة أنه متخصص في مجال بحثه, فمثلاً ممن يحمل شهادة الدكتوراه في الهندسة المدنية وبحثه في الخصائص الإنشائية للطرق المسفلتة المستخدم فيها مادة الكبريت يكون متخصصا جيداً في هذا البحث, ولكن ليس لجميع تخصصات الهندسة المدنية, ولنعلم أن معظم هؤلاء ممن يحملون الشهادات العليا ـ إلا ما ندر ـ غير أكفاء بالإدارة بمن فيهم من اختص بالإدارة, والمثل يقول (اسأل مجرب ولا تسأل طبيب), فالخبرة هي الأهم في أي مجال من مجالات الحياة .. هذا والله من وراء القصد, فإن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي.

[email protected]

الأكثر قراءة