رسالة الخطأ

Search is temporarily unavailable. If the problem persists, please contact the site administrator.


هل أتاك حديث مريم؟

[email protected]

طالبت الدكتورة مريم التميمي في محاضرة عن "حقوق المرأة" نظمتها الديوانية الثقافية في المنطقة الشرقية الأسبوع الماضي بتعديل أساليب التربية داخل البيئات الأسرية وتوفير جو من الاحترام والتفهم للأبناء – وأكاد أجزم أنها تقصد الذكور والإناث - محذرة من ظلم المرأة لمجرد إنها امرأة ويا لها من مطالبة جريئة. وبينما تحتفل بعض نساء العالم غداً الخميس الثامن من آذار (مارس) بيوم المرأة العالمي بتقلد الميداليات والتقاط الصور التذكارية وسرد الإنجازات، لن تتمكن المرأة في أماكن أخرى كثيرة من الاحتفال، حيث مازالت تطالب بأبسط حقوقها الأساسية ويتم انتهاك حقوقها في كثير من المجالات. تشير الدكتورة مريم في محاضرتها أيضاً إلى أن خنوع المرأة واستسلامها المطلق لآراء الآخرين يؤدي إلى فشلها في إدارة حياتها الزوجية نتيجة لضعف قدرتها على الحوار والنقاش وبناء العلاقات الناجحة.
وبينما يتم تسليط الضوء على مسيرة المرأة الناجحة والمميزة في كثير من بلدان العالم، تُنْتَهَك حقوق المرأة في أماكن أخرى مثل تلك التي تعيش وتموت يومياً في دول العالم الثالث، تماماً كما يصيب صقيع برودة القلوب أشلاء نساء في غرف كثيرة مغلقة. هناك أيضاً من يستغل حاجة المرأة للعمل لتوفير مورد رزقها، وأبشعها الاستغلال الجنسي بحكم المنصب أو السلطة. كذلك تُفرض على بعض نساء العالم الأسوار النفسية القاسية التي تمنعها من أبسط حقوقها في التعبير عن رأيها وبناء شخصيتها ناهيك عن منعها من المشاركة الفاعلة في الحياة العامة والمنتديات.
إلا أنه من المهم ذكر الجانب الإيجابي أيضاً. من التجارب الناجحة كتاب الدكتورة منى المنجّد الذي صدر أخيرا بالإنجليزية ويضم حوارات مع 24 سيدة سعودية تحدثن عن تجاربهن الحياتية ومسيراتهن العملية لتصحيح الصورة المشوهة للمرأة السعودية في العالم الغربي. المثال الثاني هو المفاوضات التي تجريها سيدات مركز خديجة بنت خويلد في الغرفة التجارية في جدة مع وزارة العمل لرفع الحد الأدنى لأجور السعوديات إلى أكثر من 1500 ريال ضمن حملة منظمة لتوظيف السعوديات العاطلات عن العمل وما أكثرهن. لا أعتقد أن المهم هنا فقط حل مشكلة تدني الرواتب والمزايا الوظيفية التي تعاني منها المرأة، لا بد أيضاً من الكشف عن الاستغلال الذي تنتهجه مؤسسات توظف النساء بنصف رواتب الرجال ودون أي مميزات على الإطلاق. هناك أيضاً ضرورة معاقبة رئيس الموظفة على رأس العمل من شياطين الأرض من التعدي على حقوقها الإنسانية والشخصية.
تقول الدكتورة مريم التميمي أيضاً في محاضرتها أن من الأسباب والعوامل المؤدية إلى هضم حقوق المرأة إعطاء الذكر مساحات كبرى من الحرية وإتاحة الفرصة له للتعبير عن وجهة نظره في الوقت الذي تحرم فيه الفتاة من إبداء رأيها حتى في مسائل مصيرية تتعلق بحياتها المستقبلية. خذ على سبيل المثال مسألة إجبارها على الزواج بمن لا ترغب فيه مما تنتج عنه مشكلات معقدة مثل ارتفاع معدلات الطلاق وحالات التفكك الأسري. من غير المقبول بتاتاً تزويج الفتيات بالإكراه لمن هم أكبر منهن سناً بعشرات السنين من حشود التماسيح من أجل حفنة من الهدايا والعوائد.
كذلك قرأت تحليلاً واقعياً أخيرا لناشطة حقوق الإنسان السعودية سهيلة زين العابدين تقول فيه أن "بعض الاجتهادات القضائية والموروث الاجتماعي وإسباغ العادات والتقاليد العباءة الشرعية أسهمت في زعزعة بعض القناعات الدينية لدى الفتيات السعوديات ظنا منهن أنها تعاليم دينية". من غير المقبول هدر حقوق المرأة في مسائل الراتب والإرث كحرمانها من حقها في الميراث الذي شرعه الله لها أو أن تبخس حقها في راتبها. من المهم مناقشة قائمة حساب ما حصلت عليه المرأة وما حُرِمَت من حقوق في الجوانب السياسية، الاقتصادية، الثقافية، الاجتماعية، والقانونية.
والحصول على الحقوق لا يأتي بالسلبية والأمنيات وأبيات الشعر بل بالعمل الجاد والتضحيات. لا أدعو هنا إلى التحرر المطلق والانفلات العشوائي، ولكني أطالب كما يطالب غيري برفض التزمت والانغلاق الذي يقتل الموهبة والإبداع لدى المرأة والرجل على حد سواء. من غير المقبول أن تهدر كرامة المرأة وينتقص من قدرها ومكانتها ويحجر على عقلها وتكبل إرادتها فتدوسها النعال وتصادر حريتها. لقد وهب الله سبحانه وتعالى الناس العقل والحقوق والإرادة والحرية دون تمييز بين الذكور والإناث فلا تحجروا على العقول لأنها تماماً كاغتيال الحب في القلوب. سيدتي إليكِ أقول سامحيني وكل عام وأنتِ بخير.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي