مليون أمل في قمة الرياض

[email protected]

حتى وإن تكاثرت الهموم، أو تعالت الصيحات المثقلة بجراح الحروب، سنظل نحمل شموع الأمل من قادة الأمة العربية، يحملها أتباع نبي الأمة وخاتم المرسلين سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، وترفرف أعلامها الخضراء من فلسطين إلى لبنان ومن السودان إلى الصومال، ومن أقصى جنوب الجزيرة العربية إلى حدود نهر دجلة والفرات.
تنعقد قمة العرب في عاصمة الحب والإخاء الرياض، وهي الأولى من نوعها التي تستضيفها المملكة منذ تأسيس الجامعة العربية قبل خمسين عاماً، التي تأتي في ظل قيادة يتولى إدارة دفتها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود الذي مافتئ يعمل على ترتيب البيت السعودي من جهة وتحمل هموم الأمة العربية والإسلامية من جهة أخرى، إنه القائد الذي استطاع جمع صف الفرقاء في فلسطين، وسعى لتهدئة خواطر فرقاء الصراع الطائفي في العراق.
تتحرك اليوم مشاعر الأمة العربية، على صدى صيحة مواطن عراقي شارك في ختام (شاعر المليون) أطلقها من ساحة الراحة، من دار حكيم الأمة العربية، المغفور له، بإذن الله، زايد بن سلطان آل نهيان، مناجياً خادم الحرمين الشريفين بإبراز حكمته وخبرته لوضع حلول لمشاكل الأمة العربية، ولتكون كالبلسم الشافي لأمراضها وأسقامها، ولإطفاء نار الفتنة في كل أرجائها وتُسكت أعداءها الذين مافتئوا يثيرون الدسائس والفتن المنبعثة من صدروهم منذ الحروب الصليبية، مروراً باتفاقية سايكس بيكو ووعد بلفور والعدوان الثلاثي على مصر، وإنتهاء بمشاريع الشرق الأوسط الكبير.
شباب الأمة العربية لا تهمه الأجواء الملبدة بالغيوم ولا الضباب الأسود وسط نيران الحروب والشتات الذي أفقد الأمة العربية وحدتها وتوافقها ومنعها من وضع إطار وبرنامج عمل للعمل العربي والإسلامي المشترك يسموا بها من الانشغال بسفاسف الأمور والاقتتال الداخلي.
يقـف شباب الأمة يحمل الأمل، ويقول ماذا سيفعل قادة العرب في قمة الرياض؟ هل من نور جديد ينبعث وتنطلق موحدة الأمة العربية، كما انطلق منها موحد الأمة السعودية المغفور له، بإذن الله، الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، أم أننا سنشهد قمة عربية من "الموديل القديم" يجتمع فيها القادة ثم ينفضون وهم أكثر فرقة واختلافاً مما كانوا عليه، وستجني الشعوب العربية التصريحات والخطب الرنانة والوعود الجوفاء، وربما تبادل الاتهامات والشتائم التي تطلق العنان لحملات إعلامية لا يهدأ لها بال في إذكاء نار الانقسامات التي يعتبر المستفيد الأول والأخير منها هم أعداء الأمة العربية.
ما تطلعات مواطن عربي في قمة عربية! يتطلع إلى قفل الصفحات المأسوية في تاريخ أمتنا العربية والإسلامية، يتطلع إلى أن قادته سوف يتدافعون نحو الرياض وكلهم إصرار وعزيمة على تجاوز الخلافات في المواقف بينهم.
إننا نعلم أن قادتنا يدركون قبل غيرهم أن ما يجري اليوم على الساحة العربية يهدد كيانها ويتوعدها بشر مستطير، كما نعلم بأن قادتنا هم اليوم يدركون أكثر من أي وقت مضى خطورة ما تتعرض له أمتنا من فتن ودسائس عجز النظام العربي من التعامل معها بما يحفظ وحدته وتوازنه. يتطلع شباب الأمة إلى أن نرى عراقاً موحداً يجتمع شمل أبنائه من الشيعة والسنة والعرب والأكراد وغيرهم! نتطلع إلى فلسطين تتوحد فيها إرادة الفصائل ورؤيتهم في العمل المشترك من أجل إنقاذ فلسطين الجريحة كفاحاً وعملاً من أجل السلام! نتطلع لأن يقود خادم الحرمين الشريفين دبلوماسية تقوم على أسس ومرتكزات المبادرة العربية التي أطلقها عام 2002م من أجل السلام العادل والدائم، نتطلع أيضاً لمصالحة في لبنان الصمود والمقاومة تعيد لهذا البلد التوازن الطائفي الفريد الذي تمتع به منذ استقلاله عن الاستعمار، نتطلع إلى سودان موحد يجتمع شمل أبنائه على صعيد واحد من أجل بنائه وخيره ويكون درعاً منيعاً يحافظ على أمن وسلامة الجسم العربي، نتطلع أيضاً إلى صومال يتداعى أبناؤه إلى كلمة سواء ويعملون سوياً من أجل قيام سلطة مركزية توقف نزيف الدم والاقتتال الذي طال أمده في هذا البلد الحبيب.
شباب الأمة العربية يؤكدون لقادتهم أنهم لا يريدون للأجنبي أن يدير شؤونهم وأن يخلط عليهم مورثتهم، بمزيد من الاقتتال والشقاق والنفاق، إننا لا نريد لهذه الصفحة التي كتب عليها الأجنبي بخط واضح (أن الجسم العربي هزيل وحان قطافه).
إننا نتطلع لقرارات تصحيحية بعد الذي رأيناه في العراق ولبنان والسودان ونراه كل يوم في فلسطين من مشاهد أدمت قلوبنا بمشاهدتها وأفقدتنا توازننا وثقتنا في أنفسنا وجعلتنا نتوجس من بعضنا البعض وأنستنا عروبتنا وإسلاميتنا وحولتنا إلى شخوص هلامية لا حول لها ولا قوة وليس لها وجهة أو هوية وجعلتنا نهيم بلا هدف ولا استراتيجية، إننا سئمنا تهميشنا ونحن ندرك مكامن قوتنا المتمثلة في عقيدتنا وكنوزنا الحضارية والتاريخية وثرواتنا الطبيعية غير المحدودة، سئمنا من تسليم أمورنا إلى غيرنا وسئمنا من فرض ديموقراطيتهم علينا.
شباب الأمة العربية يريد أن يقول لقادة أمتنا العربية الذين ما زلنا نرى ونأمل فيهم الخير كثيراً نحن معكم ومن خلفكم ولن نخذلكم، لقد حان لهذه الأمة أن تنطلق وتأخذ مكانها في الصراع الحضاري العالمي، شباب الأمة يطلقها مدوية إلى عنان السماء، إن زمان التهميش قد ولى وزمان الذل قد فات، نريد أن نرى أن قدراتنا قد تفجرت لصالحنا وأن لغتنا هي السائدة وأن أعلامنا تعبر عن علو هاماتنا في المحافل الدولية.
لا نريد أن نتحدث بصوت خجول وخافت ونترك من يدعون قيادة العالم يصولون ويجولون دون أن يعيرونا اهتماماً فنحن أصحاب حضارة بناها أسلافنا وطالبونا بالحفاظ عليها ومواصلة المشوار.
ختاماً رسالة شباب الأمة العربية قد سبقنا عليها (عكاشة) انطلقت من جوف العراق ومن ختام شاعر (المليون) يحمل شمعة ولكنها تضيء مائة مليون أمل، رسالة لك يا خادم الحرمين الشريفين ويا أمل الأمة العربية انطلق على بركة الله مع إخوتك قادة العرب لتوحيد رؤية العرب على صعيد واحد بأن الأمة الآن وديعة في أعناقكم فهلا حملتم أمانتها وأضأتم مشاعلها وشموعها وأفسحتم لنوازع الخير فيها أن تنطلق لتعود الرياض والسعودية كما كانت حادية للركب ومنيرة للطريق.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي