من أحكام خطبتي الجمعة (2 من 2)

[email protected]

ذكر بعض أهل العلم أنه يسن للخطيب أن يعتمد على سيف أو قوس أو عصا، واستدلوا على ذلك بحديث فيه ضعف وهو حديث الحكم بن حزن الكلفي قال "وفدت إلى رسول الله سابع سبعة أو تاسع تسعة فأقمنا أياما شهدنا فيها الجمعة مع رسول الله، فقام متوكئا على عصا أو قوس" أخرجه أبو داود. قال ابن القيم: لم يحفظ أنه توكأ على سيف، وكثير من الجهلة يظن أنه يمسك السيف على المنبر إشارة إلى أن الدين إنما قام بالسيف، وهذا جهل قبيح من وجهين، أحدهما أن المحفوظ هو الاتكاء على العصا، والثاني أن الدين إنما قام بالوحي، وأما السيف فلمحق أهل العناد والشرك، ومدينة رسول الله التي كانت خطبه فيها إنما فتحت بالقرآن ولم تفتح بالسيف أ.هـ، وهذه الشبهة التي يثيرها من لا خلاق له بين الفينة والأخرى لغرض في نفسه ولوصم الإسلام بما هو براء منه، فلا إكراه في الدين، وكان التعامل مع أهل الكتاب بالدعوة للإسلام أولا فإن أبوا فالجزية، فإن أبوا فالجهاد، فالمسلمون لم يفتحوا البلدان إلا بعد أن فتحوا القلوب أولا بالدعوة إلى الإسلام وبيان محاسنه بالقول والفعل "هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة، وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين"، فالدعوة إلى الإسلام قولا لينا وعملا طيبا، وإن مما ابتلي به المسلمون اليوم مخالفة أفعالهم لما عليه دينهم واتصافهم بأخلاق لا تمت للإسلام بصلة من شيوع الكذب والغش وتفشي الظلم والجور واتباع الشهوات، والانغماس في الملاهي والمنكرات، فإذا رأى من لا يعرف الإسلام أبناء المسلمين بهذه الصفة اعتقد أن هذا دينهم، وأن شعائرهم مجرد خطب تلقى وكتابات تسطر، وكم هي البلاد التي فتحت بالدعاة المصلحين والسفراء الصالحين وعباد الرحمن المستقيمين. نسأل الله أن يردنا إليه ردا جميلا، إنه خير مسؤول وإلى الملتقى.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي