لماذا نستجدي؟

د. علي بن سليمان العنزي
لا أعرف كيف أو متى تسللت ثقافة الاستجداء إلى مجتمعنا ودون سابق إنذار، وكذلك لا أعلم من الذي وراء استشراء مثل هذا النوع من الثقافات، وما أهدافه ورغباته من وراء ذلك.
لكن مما لا جدال فيه أن انتشار هذا النوع من الاستجداء أمر يستحق التوقف عنده ودراسته، والأهم من ذلك إزالته جذريا من المجتمع كي تمحى هذه الظاهرة التي تؤرق علماء الاجتماع ومن يهمهم أمر هذه البلاد ومواطنيها.
فما الاستجداء الذي نتحدث عنه؟
إنه استجداء أبسط الحقوق التي كفلها النظام الأساسي للحكم ويكرر ولاة أمرنا في كل مناسبة عليها، ويوجهون بتذليل العقبات كافة في سبيل حصول الجميع عليها من جنوبها إلى شمالها ومن غربها إلى شرقها، دون تمييز وطبقية في الحصول على ما كفلته الدولة ووجه به ولاة الأمر, فإذا عرفنا ذلك، ونحن متأكدون منه ولا يداخلنا شك في صدقيته، فلماذا نستجدي مقعدا في الجامعة لمن حصل على مجموع يفوق 90 في المائة؟
وإذا علمنا أننا نعيش في مملكة الإنسانية، فكيف نستجدي سريرا في المستشفى لمن أصيب في حادث مروري أو أبتلي بمرض عضال؟
وإذا قرأنا عن مشاريع جديدة بعشرات المليارات من الريالات، فكيف نستجدي وظيفة لخريج معهد أو كلية فنية؟
هذه ملامح بسيطة ومعلومات يدركها العامة من المواطنين، فكيف بنا إذا قرأنا، بحثنا، شاهدنا، سمعنا، ودرسنا كل الحيثيات التي تحيط بنا والميزانيات الهائلة التي تخصصها الدولة في سبيل حصول المواطن على حقوقه الأساسية كافة من التعليم، الخدمات الصحية، والعمل؟
إضافة إلى توجيهات ولاة الأمر وحرصهم، يحفظهم الله، في كل مناسبة على توجيه المسؤولين والقائمين على الأمور الخدمية بضرورة تفعيل كل الأدوات وتذليل العقبات التي تحول دون ذلك.
لقد أوصلتنا هذه الثقافة إلى استجداء أبسط حقوقنا، حتى التي نحصل عليها مقابل دفع مبلغ مادي مقابلها للقطاع الخاص، وذلك لجهلنا بها وعدم مبالاة القائمين عليها بتقديمها وكذلك الجودة والنوعية في الخدمة، سواء في القطاع العام أو الخاص.
أين الميزانيات التي خصصت للقطاعات الخدمية التي تمس المواطن بشكل مباشر، إذا كنا مازلنا نستجدي مقعدا في الجامعة وسريرا في المستشفى وكذلك وظيفة نفتح بها بيتا لخريج جديد؟
إذا عرفنا أن الوضع ما زال كما كان عليه، بل الغلاء وارتفاع الأسعار لعب دورا لا بأس به، فكيف نعرف أن هناك تحسنا في الخدمات التي نتلقاها؟
نحن في بلد الخير ومملكة الإنسانية، فما الذي جعل ثقافة الاستجداء تتفشى بيننا، وكيف انقلبت بنا الحال إلى طلب المساعدة في كل شيء؟!
سأبقى رافعا رأسي في ظل ولاة أمر بلادي وسأفخر وأفاخر بها وسأسعى بكل ما أوتيت من قوة لرفع رايتها في كل الميادين.
أليست بلادنا بلاد الحرمين، أليست هي المملكة العربية السعودية؟
إذا ستبقى فوق هام السحب وسنرفعها بكل طاقاتنا إلى القمم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي