"المساواة" ما بين الرجل والمرأة في نظام العمل السعودي

[email protected]

أرادت الغرفة التجارية في جدة أن تنتهج سياسة (القيادة) العملية لتنفيذ قرارات مجلس الوزراء وتفعيلها في تحسين سياسة العمل في القطاع الخاص في محافظة جدة، فعقد الرئيس صالح التركي الأسبوع الماضي اجتماعاً مع الموظفين كافة، ليعلن سياسة العمل الجديد للغرفة التجارية ويشرح أهم أهداف التغيرات الإدارية وهي:
الأول: حق (المساواة) في الرواتب والمناصب القيادية ما بين الرجل والمرأة.
الثاني: حق (الموظف) المشروع في التدريب والتأهيل ورفع قدرته المهنية ضمن سياسة تدريب واضحة، يقرها مجلس إدارة الغرفة بميزانية عادلة توضح للعاملين في كل بداية عام، تتبعها سياسة واضحة في حق الموظف في الحصول علي الترقية والتدرج الوظيفي.
الثالث: حق (الغرفة) في طرد كل من يخالف نظام العمل، ولا يلتزم بنصوص العقد مع الغرفة من حيث الأداء المهني والانضباط بمواعيد العمل.
الجديد في الموضوع هو (اجتماعياً)، بإقراره المساواة رسمياً وتطبيقها عملياً لجميع العاملين الرجال منهم والنساء على حد سواء، لأنه من الناحية (النظامية) أقر سلفاً، حيث صدر قرار الأول من مجلس الوزراء برقم 37 لسنة 1415هـ، أكد على حق المساواة في الأجور بين العمال والعاملات عند تساوي شروط وظروف العمل، ثم صدر القرار الثاني برقم (63) وتاريخ 11/3/1424هـ، وأخيرا القرار الثالث برقم (120) وتاريخ 12/ 4/ 1425هـ، يؤكد هذا الحق للمرأة السعودية.
لذلك إذا أخذنا ما تم إقراره في مجلس إدارة الغرفة في جدة، على ما نصت علية المادة (8) من النظام الأساسي للحكم وهي (المساواة)، نجد أن القرار يسير ضمن مواد نظام العمل الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/51 وتاريخ 23/8/1426هـ، والتي لا تفرق بين النساء والرجال في الحقوق والواجبات وشروط الخدمة.
ويتمشى مع الاتفاقية الدولية التي أصدرتها منظمة العمل الدولية عام 1951م، للمساواة في (الرواتب) وفرص العمل، والتي تتطابق مع تشريعات العمل في السعودية.
وللعلم فإن الوزارة استندت في قبول الاتفاقية الدولية للعمل إلى ما ورد في القرآن الكريم في الآية الكريمة "فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض"، وكذلك الآية الكريمة "للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن".
فالاتفاقية الدولية تدعو إلى المساواة في (الرواتب) عن كل عمل ذي قيمة متساوية، وتدعو كل دولة عضو فيها إلى وضع وسائل تتلاءم مع الأساليب السائدة في تحديد معدلات الرواتب بمبدأ تطبيق مساواة العمال والعاملات في الراتب على جميع العاملين، وتطلب الاتفاقية الدولية تطبيق المبدأ على المميزات الإضافية والتعويضات المادية والمعنوية التي يدفعها صاحب العمل.
وتركت الاتفاقية الدولية للوزارة المختصة في كل دوله الحق في تحديد معدلات الرواتب والأساليب التي يتعين اتخاذها في هذا التحديد، وجعلت أساس تقييم (الراتب) نوعية العمل الذي يتعين إنجازه، كما أن الاتفاقية الدولية تطلب من كل دولة عضو فيها بأن تتعهد بصياغة وتطبيق سياسة (وطنية) تشجع على تكافؤ الفرص والمساواة في المعاملة في الاستخدام والمهنة، وباتباع نهج يناسب الظروف والممارسات الوطنية بغية القضاء على أي تمييز في هذا المجال، وهو ما تم تشريعياً في نظام العمل السعودي.
وتُعرف الاتفاقية الدولية (التمييز) كل ما هو قرار حكومي من شأنه إبطال أو إضعاف تطبيق تكافؤ الفرص أو المعاملة في الاستخدام أو المهنة، وطلبت الاتفاقية من الدول الأعضاء منها أن تلغي أي أحكام قانونية وأن تعدل أي تعليمات أو ممارسات إدارية لا تتسق مع سياسة المساواة وأن تسن من القوانين ما يوضح هذا الحق، وأن تشجع عن طريق مناهجها الدراسية ما يضمن قبول مبدأ عدم التمييز في الاستخدام والمهنة وأن تضع رقابة لضمان عدم التمييز.
وما دمنا بصدد مساواة المرأة بالرجل في (الرواتب) و(المهنة) فينبغي أن نشير إلى أن دور المرأة في السعودية كسائر نساء المنطقة العربية تؤثر فيه الأعراف والتقاليد الاجتماعية التي تقف سداً منيعاً نحو إقرار سياسة الدولة في إحداث توازن في فرص العمل، لذلك فإن تشغيل المرأة يجد معارضة من تيارات قوية في المجتمع السعودي، مصدره النهج الثقافي أحياناً والنهج الاجتماعي حيناً آخر، ورغم أن دور المرأة في بعض الدول الخليجية نجح من خلال استراتيجية المساواة للتوفيق بين وضع المرأة (كأم) ودورها (كعاملة).
ختاماً: المملكة العربية السعودية خطت خطوة كبيرة بالتصديق على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في أيلول (سبتمبر) عام 2000م، وقدمت الحماية الحقوقية للمرأة في نظام العمل، إلا أننا نقر بأن هناك (فجوة) كبيرة بين التشريع والواقع، ويتطلب الأمر أن نسير خطوات هادئة نحو إقرار متطلبات المجتمع المدني، ابتداء من حق التعليم للمرأة السعودية إلي حق المساواة في العمل والرواتب.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي