د. فودة .. قلب نابض

يفضل البعض أن يقدموا أعمالهم بعيداً عن الإعلام وأضوائه رغم أنهم مجتهدون ومخلصون فيما يؤدونه مع أنفسهم وأوطانهم, إلا أننا نجدهم دائماً رغم إنجازهم في الظل الإعلامي أما برغبتهم أو رغماً عنهم بحسب الجهة العملية التي ينتمون إليها, ولو تحدثنا عن الدكتور محمد علي فودة جراح القلب مدير مركز الملك فهد لأمراض وجراحة القلب في جامعة الملك سعود لوجدناه اختار أن يكون في الظل ليتوارى عن الإعلام حباً منه وطواعية رغم أنه يملك إنجازا علمياً لا يمكن مقارنته بإنجازات علمية عديدة. وفي الأسبوع الماضي نظم الدكتور فودة مؤتمر "القلب النابض" في جامعة الملك سعود كأول مؤتمر على مستوى المنطقة ودعي له عدد من الجراحين العالميين من أوروبا وآسيا، إضافة إلى الدول العربية وذلك لإجراء خمس عمليات قلب نابض على مدى يومين, ونقلت تلفزيونياً ومباشرة إلى قاعة الاجتماعات بكلية الطب, بل إنه سعى إلى تطوير العملية لأن تكون ندوة تعليمية يتم مداخلة الجراحين ومناقشتهم على الهواء مباشرة أثناء العملية, وهذه شجاعة تكشف مهارة وبراعة الجراح. هذا الإنجاز المهني والعلمي للدكتور محمد فودة تمنيت أن تكون التغطية الإعلامية له شاملة على مستوى أجهزة الإعلام ويتم التعاطي معها بتغطية يومية للمؤتمر, لنجعل منه حدثاً وطنياً لمركز طبي متميز, نفذ خلال 15 عاما عمليات قلب نابض لأكثر من أربعة آلاف حالة جراحية لمرضى لا تناسبهم طبياً عمليات القلب المفتوح الروتينية التي يتم فيها إيقاف عضلة القلب والتعويض عنها بجهاز القلب الصناعي. فالتغطية الإعلامية يجب أن تكون حدثا على مستوى الوطن تتناولها جميع أجهزة الإعلام خاصة أن الدكتور فودة أشرك أكثر من 30 طالباً وطالبة من كلية الطب في المؤتمر.
الدكتور محمد فودة الذي تخرج في جامعة الملك سعود عام 1984م أنموذج للطبيب السعودي الذي نفتخر به جميعاً, كسر حواجز كثيرة كانت لا ترى في النجاح إلا أن تكون طبيباً تعلم وتدرب ومارس المهنة في جامعات أمريكية وأوروبية, وبألا تكون متميزاً إلا إذا كنت تعمل في مستشفيات القطاع الخاص، أما إذا كنت تعمل في مستشفى حكومي فأنت ذو كفاءة أقل وتحمل تصنيفاً مهنياً متراجعاً.. الدكتور محمد فودة له تصنيف خاص وله مقاييس ومعايير بمواصفات مختلفة قد لا نستطيع إسقاطها على المعايير المتعارف والتي درج عليها إذا كنت مميزاً, فأنت ممن صنع أكاديمياً ودرب وأخضع للتجربة والمران لعدة سنوات في الجامعات الأجنبية.. أنا هنا لا أطرح الدكتور فودة استثناءً ويمكن إيجاد عديد من الأطباء مماثلين له لو كان لدينا منهجية ودافعية وتضحية مما لدى الدكتور فودة.. وفي المقابل لا أقصد الإنقاص من التعليم الأجنبي وأيضاً ليس كل تعليم أجنبي هو شهادة للجودة والتميز .. فدافعية الأشخاص هي المحرك للجودة والقيادية والإبداع, الدكتور محمد فودة جراح القلب متميز في أدائه والنجاح الذي حققه في إنشاء وتطوير مركز الملك فهد لأمراض وجراحة القلب في جامعة الملك سعود وبعد الدعم الذي تلقاه من إدارة المستشفى والجامعة أوجد لنا شخصية طبية ناجحة تؤكدها سيرته الذاتية التي شكلت إحدى دعائم نجاحه, وهي الشخصية المملؤة بالطموح والثقة والدافعية والرغبة الوطنية في الإنجاز, فقد بدأ تعليمه العام في معهد العاصمة في الرياض وتلقى تعليمه الجامعي والعالي في كلية الطب في جامعة الملك سعود, وتدرب في الكلية نفسها ودعم مهنيته بالزمالة من أدنبره (إيرلندا) وبالمحاضرات والمؤتمرات والدورات القصيرة الخارجية .
ليست هي دعوة للتعليم الحكومي والدراسة الجامعية الداخلية وإنما إمعان واستيعاب بنجاح الدكتور فودة من خلال سيرته المهنية منذ أن كان طالباً في المرحلة الابتدائية في معهد العاصمة حتى حصوله على درجة البروفيسور في جراحة القلب. أليس هذا قلباً نابضاً بالدافعية والوطنية والإخلاص للمهنية؟ الدكتور فودة أنموذج للنجاح وصورة مشعة وساطعة للقيادي الذي يملك الإرادة والدافعية التي لا حدود لها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي