هل التمويل العقاري للأفراد هو الحل؟
تصدر عناوين الصحف المحلية أخيرا قيام أحد قطاعات الدولة بالاستثمار مع الشركات المتخصصة في التمويل العقاري للأفراد وجاء هذا الخبر مرحباً به بشكل كبير وخصوصاً بين أوساط ملاك تلك الشركات والبنوك، ولكن كم هو مهم أن نسأل سؤالاً مهما اليوم: هل التمويل العقاري للأفراد هو الحل؟
لا يختلف اثنان على مدى الضرر الذي لحق بشريحة كبيرة من المواطنين بسبب عدم تملكهم منازل وكان هذا الموضوع محط اهتمام المسؤولين وأصحاب القرار في جميع قطاعات الدولة وأصبح حلُه من أهم أولويات العمل لدى الدولة, ولكن من المهم أن نعرف أهم أسباب تلك المشكلة بشكل صحيح قبل أن نبدأ بالحل لكي تكون النتائج مثمرة وفاعلة.
وفي تصوري أن المشكلة لا تكمن في عدم وجود سيولة كافية لدى شركات تمويل المنازل فقط بل هناك عدة مشكلات أخرى لا يمكن أن يغفل عنها أي شخص أو جهة ترغب في حل المشكلة وهي:
* قلة ثقافة الادخار والتقسيط لدى الشريحة الأكبر (المتضررة).
* قلة وجود الوحدات العقارية التي يحتاج إليها المستفيد.
وبالنسبة لي كمطلع على وضع السوق العقاري أرى أن هناك مشكلة حقيقية تكمن في قلة وجود مطورين عقاريين بسبب انعدام مصادر التمويل فكلنا يعلم أن البنوك قللت بشكل كبير تمويل المطورين العقاريين كما أن منع المساهمات العقارية التي كانت الرافد الأول لتمويل المطورين لتلك الوحدات العقارية أثر في توافرها سلبا، ورغم إقرار نظام الصناديق العقارية إلا أنها لا تغطي حاجة المطورين، كما أن تعقيدات إطلاقها أثرت سلباً في توافر المشاريع العقارية، وهذه المشكلة قد تتفاقم وخصوصاً مع ازدياد عدد الشركات التي تمول الأفراد والتي ستصطدم بقلة المعروض مما سيترتب عليه زيادة وتضخم في قيمة الوحدات العقارية الموجودة.
كما أن قلة ثقافة سداد الإقراض لدى الشريحة الأكبر ستجعلهم إما غير صالحين للإقراض وإما ستجعلهم متعثرين عن السداد وذلك لأن معظمهم لا يجيد ترتيب أولوياته المالية واحتياجاته فتجده يسَبق الكماليات عن الأساسيات فقد تجده يقسط ما هو ليس من الضروريات ولا يلتزم بتقسيط الضروريات وهذه أيضاً ستكون معضلة في حل المشكلة.
ولن أكون عزيزي القارئ مفرطاً في التشاؤم ولكن هي أمور يجب على من أراد أن يحل المشكلة الانتباه لها وحلها أولاً بشكل سريع قبل أن يبدأ في حل غيرها.
وتألمت حين زارني أحد كبار المقاولين الأجانب وقال لي إن السوق العقاري ينقصه بشكل كبير وجود مقاولين لإعمار نهضة سكنية يحتاج إليها كل من المطور العقاري وشركات التمويل العقاري والمستفيد النهائي بسبب ضعف التمويل لهؤلاء المطورين العقاريين مما تسبب في تسرب عدد كبير من المقاولين وخسارتهم هذا السوق الواعد فكيف سنوفر هذا العدد الضخم من الوحدات العقارية دون وجود مثل تلك الشركات المتخصصة في تنفيذ المشاريع العقارية وكيف لنا أن نبدأ في حل المشكلة دون أن نحدد أولويات العمل؟
وأعتقد أن الحل سيكون أولاً بتوفير تمويل للمطورين العقاريين الذين سينفذون مشاريع عقارية يحتاج إليها السوق وتغطي الطلب، ونشر ثقافة وتوعية المستفيد النهائي بضرورة ترتيب أولوياته المعيشية التي كانت غير منظمة ومن ثم تمويل شركات تمويل المنازل وليس العكس .