هل التعقيد ظاهرة إدارية نسوية؟

يعد التنظيم من العمليات الإدارية في أي منظمة، ولا يقل في أهميته عن وظيفة التخطيط والتنسيق والتقويم. فمن خلال التنظيم يمكن حصر الواجبات اللازمة لتحقيق الهدف وتقسيمها إلى اختصاصات للإدارات والأفراد، وتحديد وتوزيع السلطة والمسؤولية، وإنشاء العلاقات بغرض تمكين مجموعة من الأفراد من العمل معاً في انسجام وتعاون بأكثر كفاية لتحقيق هدف مشترك.
وتتبع المنظمات عدداً من الطرق التي يتم بموجبها تقسيم العمل بين الوحدات المختلفة فيها، إذ قد يقسم على أساس الوظائف، أو السلعة، أو مراحل العملية الإنتاجية أو الخدمية، أو على أساس الزبائن، أو وفقاً لعدد العاملين، أو حسب المنطقة الجغرافية وغيرها، وتكاد تجمع أدبيات الإدارة على أن لكل طريقة مزايا وعيوبا، ولا يوجد نموذج أفضل، لأن ملاءمة الطريقة لطبيعة النشاط الذي تمارسه المنظمة هو العامل الحاسم في الاختيار.
وفي مجتمعنا، بدأت مشكورة بعض الأجهزة الحكومية ومنشآت القطاع الخاص في تقسيم العمل فيها وفق جنس العملاء، فهناك أقسام للذكور وأخرى للإناث، بهدف تحسين مستوى الخدمة المقدمة لكلا الجنسين، وقد أسهم هذا التنظيم الجديد في خدمة شرائح عديدة من الإناث خاصة اللواتي لا يوجد لديهن قريب من الذكور متفرغ كلياً ليتابع معاملاتهن في أقسام الذكور، بدءا من مرحلة تقديم الطلب أو الحصول على الخدمة وانتهاء بمرحلة إنجازه وتلبية الاحتياج. لكن في بعض الأحيان حتى بوجود هذا التنظيم، ولظروف شخصية، تفضل بعض السيدات إرسال مندوب أو كيل ينوب عنهن في تقديم طلب الحصول على الخدمة لدى قسم الذكور، ومن ثم متابعة المعاملة إلى أن تصل إلى قسم الإناث، وفي هذه المرحلة يقع المندوب أو الوكيل في مأزق يخشاه دائماً هو والكثيرون من أمثاله، وهو تحول المعاملة إلى قسم الإناث، إذ يعبر هؤلاء عن مخاوفهم بكلمات تتردد دائماً على مسامعنا وهي: لا تروح المعاملة عند النساء حتى لا يعقدنها، والتساؤل الرئيس الذي أطرحه على القارئ الكريم هو: هل بالفعل الأقسام النسائية تعقد العمل؟ وما الأسباب التي أدت إلى تكوين هذه المفاهيم السلبية عن قسم الإناث في منشآت القطاعين العام والخاص؟ وفي السطور التالية وضعت عدداً من الفرضيات المتعلقة بذلك والتي آمل أن تكون من بينها إجابة محتملة عن تساؤلاتي:
صلاحيات الأقسام النسائية محدودة، مما يؤدي إلى الرجوع إلى الرئيس في أقسام الذكور لأخذ الموافقة الخطية، أو التوقيع على طلب الخدمة، أو الحصول على بعض المعلومات من قاعدة البيانات، وبذلك تطول مدة تقديم الخدمة.
انخفاض جودة التقنيات والتجهيزات المكتبية في الأٌقسام النسائية، مما يتطلب إرسال المستندات إلى الأقسام الرجالية، وبالتالي التقليل من سرعة الإنجاز.
قلة عدد الكوادر المؤهلة العاملة في الأقسام النسائية، مما يؤدي إلى ضغط العمل وبطء الإنجاز.
قلة خبرة الأقسام النسائية في مجال العمل تتطلب منها بعض الوقت للاتصال والاستفسار من قسم الذكور.
الإناث أكثر موضوعية وشدة وصرامة والتزاماً بتطبيق الأنظمة، في حين أن الذكور أكثر مرونة وأكثر تأثراً بالعلاقات الشخصية.
الإناث أكثر دقة في الإنجاز، ولذلك قد يستغرق إنجاز العمل نفسه ضعف المدة التي يستغرقها الموظف من الذكور.
عدم ثقة العملاء من الجنسين في مستوى جودة الخدمة التي تقدمها الأقسام النسائية، بسبب انخفاض مستوى الوعي أن المرأة لا تقل جدارة عن الرجل.
خاتمة: الكفاءة والإنتاجية والإنجاز سلوك إداري لا يرتبط بجنس الموظف أو جنس العملاء. ويؤمل أن يتم تنظيم وتجهيز الأقسام النسائية والرجالية بالمستوى نفسه من جودة المدخلات المادية والبشرية والصلاحيات، وبث الوعي بأهمية تفعيل دور المرأة في خدمة مجتمعها، وبعدها لننظر هل النساء يعقدنها بالفعل أم لا؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي