"سيد بلاتر.. جماهيرنا عطشانة"
ذهب جوزف بلاتر رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم بعيدا وحلّق بنا نحن الجمهور السعودي بعيدا في أعلى درجات المثالية. عندما دعا إلى إزالة الأسوار الداخلية التي تفصل بين أرض الملعب ومدرجات المشجعين في ملاعب كرة القدم. وقال كلاما جميلا رفع به الروح المعنوية للجماهير المحبطة من سوء التعامل الذي تلاقيه في ملاعبنا. هذا الرجل السويسري رأف بحال الجماهير في كل أنحاء العالم ومن ضمنها الجمهور السعودي الذي لا يحلم بإزالة الأسوار الداخلية، وإنما إزالتها درجة متقدمة من الحقوق وإنما يحلم فقط أن تحفظ له أدنى درجات العيش الكريم داخل الملعب أن يجد الماء متوافرا بجانبه في المدرج بدلا من أن يتكبد مشوارا طويلا من مقعده إلى مكان بيع الماء خارج المدرجات في مشوار يستغرق أكثر من 20 دقيقة ذهابا وعودة وكأن قوارير المياه البلاستيكية ستتحول في أيدي الجماهير إلى قنابل ملوتوف. أمر يدعو للاستغراب أن تموت الجماهير من العطش بسبب أن قلة غير منضبطة قذفت تلك القوارير على جوانب الملعب.
سيد بلاتر يقول "لا يتعين التعامل مع المشجعين كمجرمين أو حيوانات"، وأضاف من الذي يوضع خلف الأسوار؟ السجناء والحيوانات المتوحشة، هل ينتمي مشجعو كرة القدم إلى هاتين الفئتين؟".
الجماهير في ملاعبنا لا ترى أن إزالة الأسوار من أولى الأولويات، وإنما تريد أشياء أقل من ذلك، مقاعد مريحة بدلا من صبات الأسمنت الحارة في جو الرياض، الدمام، جدة، والقصيم، تريد ماء تشربه كلما أحست بالعطش، ولا سيما أنها تحضر من الرابعة عصرا لتشاهد مباراة تقام في الثامنة والنصف ليلا وعليها طيلة هذا الوقت أن لا تبل ريقها برشفة ماء، ومن أراده فعلى مقعده أو نصيبه من الصبة الأسمنتية السلام، سيأتي مَن يجلس عليه حيث لا أرقام ولا نظام يحمي مكانك.
يا سيد بلاتر ملاعبنا يُسمح في ساحاتها الخارجية ببيع جميع الأعلام والشالات وكل وسائل التشجيع لكنه ممنوع الدخول بمعظمها، فنجدها مرمية على بوابات المدرجات ليأخذها الباعة ويبيعونها مرة ثانية. في كل ملاعب العالم المسموح ببيعه في ساحاتها مسموح بالدخول به إليها إلا عندنا.
سيد بلاتر جعلتنا نحلم بعيدا ونحن الذين نتقاتل في ملاعبنا على مكان واحد أو اثنين لبيع المشروبات والمأكولات التي تباع بضعف أسعارها.
نعم جعلتنا نحلم ونحن الذين نخضع لتفتيش دقيق من أسفل جسمنا حتى أعلى الرأس وكأننا سندخل إلى قاعدة عسكرية أو مفاعل نووي وليس إلى ملعب للترفيه عن النفس، فالملاعب هي المكان الوحيد الذي يجتمع فيه الناس للترفيه عن أنفسهم في ظل عدم وجود فعاليات مسرحية منتظمة أو وسائل ترفيه جماهيرية كالسيرك أو السينما أو غيرها.
سيد بلاتر نحن نحلم بشيء أقل من إزالة الأسوار الداخلية في ملاعبنا، نحن نحلم أن نذهب للملعب ونعود منه ونحن نبتسم. نحلم أن نذهب للملعب دون زحمة مرور، وأن نجد لسياراتنا مواقف، أن لا يكسوها الغبار عندما نقترب من ستاد الملك فهد. أن لا يستغلنا باعة السوق السوداء عند شراء التذاكر والذين نخضع لهم بسبب الزحمة عند شبابيك التذاكر المحدودة العدد، ألا يُهين كرامتي أو كرامة أولادي رجل الأمن عند بوابة الملعب أو بوابة المدرج، وأن نجد دورة مياه قريبة من مقاعدنا.
وأخيرا.. نحلم ونحلم - سلمك الله - يا بلاتر، لقد جعلتنا نحلم وعندما استيقظنا وجدنا الوضع على طمام المرحوم.