أصحاب المساهمات العقارية المتعثرة تحت المجهر!
مع الحملة الكبيرة التي تقودها وزارة التجارة على أصحاب المساهمات العقارية المتعثرة أتذكر تلك الحملات التي تطلقها أمانات المدن ضد حمى الضنك أو حمى الوادي المتصدع أو ضد أي آفة تضر بالصحة العامة، بل إن تلك الحملات الأخيرة قد يستفاد منها بالقضاء ولو جزئياً على تلك الآفات المرضية، ولكن ما أستغربه هو الحملة ضد أصحاب المساهمات العقارية المتعثرة وتلك العقوبات بالجملة بالمنع من السفر أو التشهير أو الحجر على الأملاك وغيرها، فهي من وجهة نظري أشبه بالضرب على الميت، فجميعنا يعلم أن معظم تلك العقوبات لن تحل المشكلة، فأكثر المساهمات العقارية المتعثرة سببها خارج عن إرادة أصحابها بسبب صعوبة تصريفها في الوقت الحاضر وبالتالي مهما ضغط عليهم بعقوبات أو بغيرها فلن تصفى تلك المساهمات، بل إن بعض المساهمات معلقة بسبب قرارات من بعض الدوائر الحكومية التي فرضت العقوبة.
عزيزي القارئ لست في موقع الدفاع عن مطلقي المساهمات العقارية المتعثرة ولا أقصدهم كلهم فبعضهم يستحق أن يحاكم ممن ثبتت عليهم تهمة التلاعب والغش, كما أن المطلع على مقالاتي وقت طفرة المساهمات العقارية يعلم كم كنت أختلف معهم وكانت آرائي ضد تلك العشوائية التي كانت وقتها سواء في اختيار الفرصة العقارية أو آلية إدارة أموال المساهمين، ولكني أيضاً ضد الإجحاف في مقاضاتهم وكأنهم وباء أو مجرمين وجعلهم شماعة لتعليق الأخطاء التي كانت في السابق بسبب عدم وجود نظام لتنظيم المساهمات العقارية وكأن تلك المساهمات لم تحصل على ترخيص من وزارة التجارة في ذلك الوقت.
وللعلم أن من كان يعمل في القطاع العقاري في تلك الحقبة وأعني حقبة طفرة المساهمات العقارية ما كان ليتوقع أن تؤول حال مطلقيها إلى تلك النهاية التي أقل ما توصف به أنها مؤسفة، فلم يكن في ذلك الوقت مشكلة في تجميع أي مبلغ مهما كبر بكل يسر ومن أي شخص ولم تكن هناك أي صعوبة في شراء أي أرض خام في أطراف المدن حتى لو بلغت مساحتها أرقاما خيالية من قبل شخص لا يملك أي خبرة عقارية ولا يملك دراسة جدوى لهذا الاستثمار الضخم، بل اعتماده الكلي فقط على سمعته الشخصية في تجميع مبالغ توصف بالضخمة، ومما زاد الطين بلة أن تلك الأراضي كانت تباع على مطلق مساهمة أخرى وكان الأول يوزع أرباحاً على مساهميه في فترة قياسية بلغت نسبا خيالية وصلت في بعض الأحيان إلى 250 في المائة في ثلاثة أشهر وجعلت من مطلق تلك المساهمة نجم يحتذى به ومثلا أعلى في الإخلاص والنزاهة، بل اعتبره بعض مساهميه الرابحين أنه أفضل من أولاده، كما عجت القنوات الفضائية والصحف المحلية بصورهم ودعايات لمساهماتهم ومشاريعهم العقارية وأصبحوا في يوم من الأيام يقودون توجهات السوق العقاري بأكمله، وبعد كل ما ذكر كان من المستبعد تماماً أن يتخيل أحد تلك النهاية لهم .
فمن المجحف اليوم أن نهاجمهم بهذه الطريقة التي أعتقد شخصياً أن هدفها تخدير مساهمي المساهمات المتعطلة أموالهم فيها ومن المفترض التفكير بطرق منطقية لحل تلك الأزمة فهي مبالغ ضخمة لو تم حلها ستوفر سيولة لا يستهان بها ستحرك عجلة التنمية العقارية، وبالتالي أعتقد أنها تستحق أن تحل وليس فقط كما عمل التهويش بالتهديدات والعقوبات التي لا تسمن ولا تغني.