حان الوقت لتعديل أوضاع شاغلي المراتب العامة

رواتب موظفي الدولة لا يحكمها سلم واحد بل هناك كما هو معروف سلالم متعددة يحددها نوع قطاع العمل وشكله التنظيمي، فهناك على سبيل المثال سلم لرواتب المعلمين وآخر لرواتب أعضاء هيئة التدريس في الجامعات وسلم لرواتب موظفي الصحة وآخر لموظفي القطاعات العسكرية وكذلك الحال لموظفي سلك القضاء وهيئة التحقيق والادعاء، كما أن جزءا كبيرا من موظفي الدولة لهم سلالم خاصة بهم مثل موظفي المؤسسات: التقاعد والتأمينات والنقد وتحلية المياه وغيرها وسلالم أخرى لرواتب موظفي الهيئات كالاستثمار والسياحة والغذاء والدواء وسوق المال وغيرها وسلالم مختلفة لرواتب موظفي الصناديق العامة .. العقاري والصناعي والزراعي وغيرها.
وكانت لجنة وزارية قد قررت قبل سنتين أو ثلاث توحيد رواتب المؤسسات والصناديق والهيئات لكنها استثنت من ذلك صندوق التنمية الصناعي وهيئة السوق المالية ومؤسسة النقد، وعلقت وقتها على هذا الموضوع بأن وزارة المالية التي تشرف بشكل مباشر على تلك الجهات الثلاث ربما قدرت أهمية بقاء السلالم الوظيفية لها لكنها ولبعدها عن الجهات الأخرى ومتطلبات عملها وافقت على توحيد رواتب الجهات الأخرى، وما يهمني اليوم ليس التعليق على السلالم الوظيفية لتلك الجهات ولكن إثارة موضوع رواتب موظفي المراتب العامة الذين يعتبرون من أقل موظفي الدولة من حيث الدخل، بل يمكنني القول وبثقة إن من يشغل مرتبة دون السابعة لا يستطيع توفير حياة كريمة لأسرته، في ظل الغلاء وارتفاع الأسعار ومتطلبات الحياة الكريمة المتعارف عليها.
فإذا كان المعلمون والمعلمات قد نجحوا في تحسين أوضاعهم الوظيفية بتعيينهم على المراتب المستحقة لهم نظاما، فإن شاغلي المراتب العامة لا يزال معظمهم دون المرتبة المستحقة لهم نظاما، فهناك جامعيون يستحقون المرتبة السابعة ما زالوا في الخامسة والسادسة وهناك موظفون لهم 20 سنة في المرتبة التي يشغلونها دون ترقية وهناك آلاف من الموظفين يعملون على بند الأجور والأكيد أن مستوى الرواتب بشكل عام لا يكفي لمواجهة متطلبات الحياة الكريمة.
أتمنى أن تلتفت وزارة الخدمة المدنية ووزارة المالية إلى هذا الموضوع المهم الذي لا تقتصر سلبياته على ذوي المراتب الدنيا فقط بل حتى موظفي المراتب العليا، فما يتقاضونه لا يليق بالمهام الموكلة لهم ولا بالمستوى الوظيفي الذي وصلوا إليه، فوكيل الوزارة أقصى ما يتسلمه مع بدل غلاء المعيشة لا يتجاوز 18 ألف ريال في حين أن رئيس شعبة في إحدى الهيئات يتسلم أكثر من هذا المبلغ وكذلك الحال لموظفي القطاع الخاص.
المجتمعات في الغالب تتكون من ثلاث طبقات: غنية، متوسطة، وفقيرة وهذا هو ديدن الحياة لكن القانون الاجتماعي المتعارف عليه يتطلب أن تكون الطبقة الوسطى هي الغالبية العظمى من المجتمع في ظل وجود أقلية غنية وأخرى فقيرة، إلا أن رواتب موظفي المراتب العامة وبالذات من تقل مرتبته عن السابعة ربما تعجل بتحولهم إلى الطبقة الفقيرة وهذا ما ينبغي التحوط له والعمل على منعه عن طريق رفع رواتب تلك الفئة من الموظفين.
وهذا الأمر يسري كذلك على شاغلي الوظائف العسكرية من الأفراد فهم لا يختلفون عن شاغلي المراتب العامة، ولا سيما أن معظم موظفي الدولة تم تعديل رواتبهم بدءا من موظفي سلك أعضاء هيئة التدريس في الجامعات وليس انتهاء بموظفي القطاع الصحي.
هناك معيار يمكن أن يستدل به على عدالة الرواتب وهو الرواتب في المنشآت الخاصة الكبيرة، فرواتبها عادة تتكيف مع مستوى المعيشة العام وهذا هو ما يحدث في منشآت القطاع الخاص لكنه لا يحدث بشكل سريع في القطاع العام.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي