التوقيع بنصف علم
الاتصال عملية مهمة ومحورية من وظائف الإدارة، وتعرفه أدبيات الإدارة بأنه عملية نقل وتبادل البيانات والمعلومات من مكان أو شخص إلى آخر، بهدف إتمام عمل معين ،كما يعرفه البعض بأنه عملية نقل المعلومات من شخص لآخر بغرض إيجاد نوع من التفاهم المتبادل بينهما. وتتكون عملية الاتصال من العناصر الأربعة التالية: المرسل، المستقبل، الرسالة، وسيلة أو قناة الاتصال. وتتنوع الاتصالات الرسمية في بيئة العمل حيث تأخذ عدة أشكال منها الاتصال الهابط، الاتصال الأفقي، الاتصال الصاعد، فالاتصال الهابط يعني تدفق المعلومات والأفكار والمقترحات والتوجيهات والأوامر والتعليمات من الرؤساء إلى المرؤوسين. ويهدف هذا النوع إلى زيادة فهم المرؤوسين للمؤسسة ونظامها وفهم مسؤولياتهم من أجل تحقيق قدرتهم على العمل ولزيادة ارتباطهم وانتمائهم إليه. ويمكن أن يتم الاتصال الهابط من خلال المواجهة والتفاعل اللفظي أو التعليمات الخطية أو الشرح والتوضيح والنشرات والتعاميم والتقارير والإعلانات.
وتنجح عملية الاتصال الرسمي وتحقق أهدافها إذا عملت الإدارة على القضاء على معوقات الاتصال وهي عديدة أولها: التشويش: وهو مصطلح يستخدم لوصف أي شيء يتدخل في أمانة النقل للرسالة. وهناك نوعان من التشويش أحدهما يتعلق بوسيلة الاتصال مثل أزيز الراديو أو الغباش على شاشة التلفزيون، والآخر يتعلق بالمعنى أي عدم القدرة على تفسير الرسالة تفسيراً صحيحاً بحيث يفهمها المستقبل فهماً خاطئاً. وثانيها عدم الانتباه: أي عدم التركيز والقدرة على التفاعل مع الرسالة، بسبب الاهتمام بأكثر من أمر واحد في آن واحد. اتصالا بما تقدم سأتحدث عن ممارسة إدارية خاطئة في مجال الاتصال عايشتها شخصياً في القرن العشرين، ولا تزال تشكو منها طالباتي المعلمات في القرن الحادي والعشرين، وتتلخص في لجوء بعض مديرات المدارس إلى تسليم إحدى المستخدمات في المدرسة ملفا يحتوى على التعاميم المهمة والقرارات الواردة للمدرسة، للقيام بإطلاع المعلمات عليه في حجرة الصف، وبينما هن منهمكات في عملية التدريس ، ومطالبتهن بالتوقيع بالعلم، ولا شك إن هذا الأسلوب يؤدي إلى تعرض التوجيهات والتعليمات لسوء الفهم ، أو النسيان، بسبب الاستعجال في القراءة،وفضلاً عن ذلك فقد تلجأ بعض المستخدمات ممن يجدن القراءة والكتابة، بتلخيص مضمون التعميم أو القرار للمعلمة شفوياً، والإلحاح علي المعلمة بسرعة التوقيع بالعلم والإحاطة، بحجة الرغبة في توفير الوقت واستكمال توقيع جميع المعلمات مع نهاية اليوم ، قد يرد البعض من القراء الكرام ممتدحاً هذه الطريقة بأنها وسيلة سريعة لإيصال الحقائق والمعلومات والتوجيهات، ولا سيما أن بعض المناطق النائية لا تتوافر فيها قنوات اتصال حديثة، ورداً على ذلك لنسأل أنفسنا: هل الهدف من تبليغ المعلمين بالتوجيهات هو التأكد من أن جميع المعلمين وقعوا بالعلم فقط ؟ أم إن الهدف التأكد من تفاعل المعلمين مع محتوى التوجيهات، وحرصهم على تطبيق محتواها؟ إن من نعم الله علينا أن سخر لنا التقنية الحديثة لنوظفها في حياتنا داخل العمل وخارجه، فماذا لو تم استخدام البريد الإلكتروني الشخصي الخاص بالمعلم في إيصال هذه التوجيهات ؟ ولماذا لا توضع التعاميم والقرارات على موقع المدرسة الالكتروني؟ ولماذا لا يخصص ملف ورقي باسم «ملف القراءة»؟ لتجمع فيه التوجيهات المهمة وتوضع في مكان بارز في حجرة المعلمين، ليكون في متناول يد كل معلم يقرأه بتأن وروية بعد الفراغ من عملية التدريس كل يوم، ومن ثم يوقع عليه بالعلم والإحاطة.
خاتمة: المعلم ركن مهم من أركان العملية التربوية، وهو الأولى والأحق بأن يحصل على المعلومات والتوجيهات في الوقت المناسب والمكان المناسب والوسيلة المناسبة بما يؤدي إلى تفاعله مع مضمونها وتطبيق محتواها في ممارساته الصفية، ولا شك أن ذلك ما نطمح إليه جميعاً.