هل تضاءل الأمل في مستشفيات الأمل؟!

حتى وقت قريب كنت أعتقد أن غالبية المتعافين من إدمان المخدرات عن طريق العلاج في مستشفيات الأمل يعودون إلى المجتمع كأناس طبيعيين بعد أن يتخلصوا من دوامة الظلام التي ألقوا أنفسهم فيها, وخصوصاً أن الطرح الإعلامي المتعلق بهذه القضية عوّدنا على تصور أن العلاج الذي يقدم لكل مَن ابتلوا بهذه البلوى كافٍ لانتشال حياتهم من الضياع وإعادتهم أسوياء إلى مجتمعهم, لكنني صُدمت بشدة عندما قرأت تصريحاً نشرته صحيفة محلية أخيرا لرئيس أقسام العلاج من الإدمان في مجمع الأمل للصحة النفسية في الرياض الدكتور عصام الشورى, أكد من خلاله أن نسبة المنتكسين بين المتعالجين في المجمع تصل إلى 70 في المائة. وأشار إلى أن أسباب انتكاس مدمني المخدرات بعد تعافيهم تتمثل في الفراغ وعدم حصول المتعافي على عمل يشغل وقته، ويشتت عنه فكرة العودة للتعاطي، إضافة إلى بيئة أصدقاء السوء.
بالنسبة لي تبدو هذه النسبة مخيفة إلى حد بعيد, كما أنها تعد - في رأيي - سبباً منطقياً لتضاؤل الأمل في مستشفى الأمل, ولنحسبها بالأرقام لنتعرف على ما تخفيه هذه النسبة.
يقول الدكتور الشورى إن عدد المنومين في المجمع بلغ العام الماضي 1600 مريض منهم 15 امرأة غالبيتهن من الفتيات.
حسناً يا سادة يا كرام ليحضر كل منكم آلة حاسبة ويستخرج الرقم الذي تمثله نسبة 70 في المائة من عدد المنومين في العام الماضي فقط.. إنهم أكثر من 1100 متعاف عاودوا تعاطي السموم المخدرة بعد خروجهم من المستشفى؟ أليس هذا الرقم مفزعاً؟!
ثم أين دور برامج الرعاية اللاحقة التي لطالما سمعنا بها، إن كان معظم المتعافين يعودون للإدمان, وكأن العلاج لم يكن؟!
ألا يجدر بنا أن نتساءل عن إن كانت نسبة 70 في المائة تثبت فشل تلك البرامج في تحقيق أهدافها أم لا؟ وفي حال ثبوت فشلها ألا يحق لنا أن نسأل عن الأسباب التي تقف خلف عدم تغييرها أو تطويرها بشكل يسهم في انخفاض النسبة المفزعة؟!
إن عودة نحو 1120 شخصا للإدمان من بين 1600 يعني أن هناك جهوداً ضائعة وميزانيات تصرف عليها بفائدة أقل بكثير من المتوقع, وهذا يستوجب وقفة مراجعة لآلية العلاج المتبعة في هذه المستشفيات، إضافة إلى تطوير برامج الرعاية اللاحقة وهي الأهم. قبل فترة كشف أحد التقارير الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة عن أن عدد المدمنين الذين التحقوا بالبرامج العلاجية في المملكة بلغ 150 ألف مدمن, وقياساً على التصريح أعلاه هل يمكننا تصور أن 70 في المائة من هؤلاء انتكسوا وعادوا لتعاطي السموم, وهل يمكننا تصور ما يمكن أن يترتب على ذلك باعتبار أن كل مدمن هو مشروع مجرم؟!
أترك الإجابة لكم!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي