بين العيد والحب..

يكون العيد عيدا عندما يكون من نحب جزءا منه، يبتسمون، سعداء، يحبوننا، وروحهم تحلق من حولنا بلا عتب ولا قلق ولا مناطق رمادية في القلب، بينما أرواحنا خاشعة متواضعة تضحك بطفولة وبراءة والخوف من غدر القلوب قد زال من الأفق ولم يبق إلا زمن كله بياض..
إذا جاء العيد ونحن لا نملك ذلك، تسيطر على نفوسنا كدر الوحدة، ونشعر بغربة الفؤاد الذي يتقلب في حيرة ويأس بحثا عن ضياء نور يلمع من خلف الأفق لعل جديدا يأتي فيمحي الحزن من قلوبنا.
كثيرون منا تمضي أيامهم ولم تجد نفوسهم الظمأى مَن تلجأ إليه في لحظات الفرح وفي أيام السمر وعندما تلوح الأعياد، وكثيرون من الناس يبتليهم الله فتتباعد أرواحهم عن أرواح أفراد أسرتهم، هؤلاء يهيمون في الضياع، يجدون الأنس في حديث عابر مع صديق عمل أو صديق طارئ يقطعون به الوقت، بينما عيونهم تختلس النظر خفية إلى السماء باحثة بين النجوم عن أمل، لعل الحب يشرق يوما في حياتهم، ولعله يأتي اليوم الذي تضحك فيه مسام الروح وتنطلق بلا قيود مستعينة بأمان مستمد من الحب وبدفء يمنحنا طاقة الانطلاق...
لعل القارئ قد أدرك أن الوصف السابق لا يشمل فقط الحب بين الرجل والمرأة، فالحب هنا هو تلك العلاقة الوجدانية التي تمثل عمق حياتنا، الأبوان يمنحاننا الحب، والإخوة والأقارب يمنحوننا الحب أحيانا، والأصدقاء الصادقون يمنحوننا الحب بلا حدود، وتقف المرأة قامة شاهقة ملكة للحب، تتوجه بعاطفتها المتدفقة الشياجة، تلك العاطفة التي منحت الإنسانية القدرة على مواكبة المصاعب قرنا بعد قرن من الزمان، وتلك العاطفة التي لا يفهمها الرجل أحيانا لأن الدنيا علمته أن الحياة مصالح، ومنطق، وأخذ وعطاء، ورغبات واحتياجات، ولا يدرك لماذا تضحي المرأة بنفسها وكل ما تملك من أجل لحظة حب صادق..
تصل كل منا عشرات رسائل التهنئة كل عيد، عبر الموبايل والإيميل والبريد، بعضها صادق، وأكثرها مجامل، لكن أجمل تهنئة بالعيد عندما تجلس مع الحبيب صامتا هادئ النفس بلا هموم، تنطلق بذهنك تفكر بينما ترتشف الشاي، وتعرف أن نفسه البريئة قد أدركت حاجتك إلى الهدوء والصمت فينطلق معك بصمته يجول حيث تجول ويقف حيث تتوقف، تنظر إلى الحبيب وتبتسم لأن السعادة قد بلغت أوجها..
قد تكون أجمل تهاني العيد حديث يسري هينا عذبا بين الأحباب بلا أجندة ولا أهداف، حديث لا يحاصره الوقت ولا تضغط عليه المصالح ولا تختفي بين سطوره معارك البقاء..
قد يكون أجمل تهاني العيد سلام خاشع بين عابدين خرجا من المسجد في ختام شهر عبادة، شهر من الجهد المتواصل أملا في رضا الله، لا يتحدث العابدان بقدر ما يعرف كل منهما أن الكثير من الرجاء يحيط بهما، وقد علما أن مغفرة الله ورحمته قد قبلت، إن شاء الله، عبادتهم فعادا وقد تكللت أيامهم بالبياض والنقاء..
العيد يكمن في الحب، بلا حب يصبح العيد عبئا صعبا على النفوس، العيد هو يوم تتويج للحب، ومن أراد أن يحتفل بالعيد فليبحث عمن يعشق وليمنحهم كل نفسه بلا تحفظ وبلا تكلف..
كل عام وأنتم بحب..!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي