أحب وطني ولا يهمني من يكرهه
خلال السنوات القليلة الماضية شهد المملكة قفزات كبيرة على مستوى الإصلاح الاقتصادي، وكمراقب أنعم الله عليه بأن يعيش هذه الفترة التاريخية، أخذت التمعن في هذه الإصلاحات المستمرة والنجاحات الكبيرة والمشاريع العملاقة والرخاء الاقتصادي الذي نعيشه رغم معايشتنا أزمة مالية اقتصادية عالمية، عصفت بمراكز القوة في العالم وجعلت بعضها أثرا بعد عين، وإفلاس الشركات وتسريح الموظفين وزيادة البطالة والانتحار، إلا أننا في مملكة الخير ما زلنا نشاهد المشاريع العملاقة تسير وفق الأهداف والإنفاق الحكومي في أوجه وميزانيتنا السنوية تاريخيه في كل عام. لا يستطيع أحد في هذا العالم أن ينكر أن المملكة أصبحت محط الأنظار ولاعبا رئيسا في مجريات الاقتصاد العالمي، ولاعبا رئيسا في الخريطة السياسية الإقليمية والعالمية.
وتبادر إلى ذهني أسئلة بدهية كثيرة حول نجاحنا الاقتصادي والسياسي، هل هذا النجاح يبهج الجميع؟ هل هذا الموقع العالمي في مصلحة كل الأطراف؟ ألا يوجد لنا أعداء لا يعجبهم هذا النجاح؟ الأعداء الاقتصاديون، السياسيون، العقائديون؟
لا أدعي علم السياسة الدولية أو المحلية، ولا أميل إلى التطرف، لا اليمين واليسار! لكني متطرف اقتصادي في حب الوطن، لذلك فإن النجاحات الاقتصادية لهذا الوطن تأسر قلبي وتشغل اهتمامي. لذلك فلست هنا للحديث عن أهمية حب الوطن من الناحية الشريعية فلا زيادة في ذلك وسبقني من هو خير مني، ولست هنا لطرح محاضرة عن المواطنة من بعدها الوطني، فلذلك أهله، ولكني أعلم أنني أحب وطني لأنه قدري.
إن النجاحات الكبيرة والقفزات الاقتصادية الهائلة لوطننا تجبرنا جميعا أن نكون في صف واحد بغير اختيارنا، وإن اختلفنا في التوجه أو اختلفنا في الرأي أو اختلفنا في التنفيذ، وإن كان لنا أخطاؤنا، فالكمال لله، سبحانه، ونحن أول من يؤمن بذلك، ولكل مشكلاته وأخطاؤه، والحديث عن الصورة الكبيرة يجب أن يكون هو رؤيتنا للأحداث والمتغيرات من دون أن نجعل العواطف اللحظية هي محور اهتمامنا. نعم فهناك من لا يعجبه تقدمنا وهناك من يعجبه تخلفنا، وهذه حقيقة لا يحجبها الغربال لأن هذه سنة الله في الكون فتقدمنا يعني أخذنا لموقع غيرنا وهذا حقنا، كما لغيرنا الحق في أن يتطور ويتقدم. أن نكون من دول مجموعة العشرين فهذا مصدر فخر لنا ونتيجة لقوتنا وأهميتنا في الساحة الدولية، فإذا كان البترول هو السبب فأهلا وسهلا به من نعمة ليس لأحد فيها منة ولا فضل، ولذلك فإننا سنأخذ مكاننا المتقدم باستمرار من خلال استثمارنا الصحيح لمواردنا ومن خلال تطلعنا إلى مستقبلنا بكثير من التفاؤل ومن خلال إيماننا بأننا أبناء هذا الوطن في الرخاء كما عاشه أجدادنا في الشدة.
تغيرت المعطيات الاقتصادية بشكل كبير خلال السنتين الماضيتين على المستوى العالمي، بشكل لم يشهده العالم من قبل، ولكن الفرق يكمن في تغير اللاعبين فيه، فعندما بدأ العالم الاقتصادي الحديث لم نكن ضمن الصفوة لضعفنا الاقتصادي وحداثة تجربتنا، أما اليوم فنحن من دول العالم المهمة ويجب أن نعمل بجد وإخلاص لنكون ضمن صفوة الدول خلال المستقبل المنظور، فنتيجة نجاحنا لن تذهب إلى أحد بعينه بل ستعود على الجميع، وأعني الجميع بلا استثناء.
هذه رؤية مواطن يرى العالم من منظور يخص اهتمامه، ويحب وطنه من جميع اهتماماته.