رواتب وحوافز موظفي البنوك بين المبالغة والتقتير
البنك وحدة اقتصادية خدمية للمحافظة على ودائع العملاء واستثمارها عن طريق ضخها في الاقتصاد سواء من خلال الإقراض أو الاستثمار في الأدوات المالية قليلة المخاطر، فالبنك عبارة عن ترخيص ونظام رقابة داخلية، فالأول يعادل في المملكة أضعاف رأس مال البنك، والأخير يمثل السياسات والإجراءات وتطبيقها ومعالجة البيانات، ولعل أهم أصل لدى أي بنك يتمثل في موارده البشرية، فكلما استقطب الكفاءات البشرية المؤهلة، أدى ذلك إلى قوة نظام الرقابة الداخلية وبالتالي تحقيق أهداف البنك.
وكما لاحظنا خلال اجتماعات مجموعة العشرين أن مكافآت مديري البنوك مثلت بنداً مهماً من بنود جدول أعمال الاجتماع، وإصرار جل الأعضاء على وضع قواعد صارمة للحد من المبالغات في تلك الحوافز، واعتراض الولايات المتحدة على مثل تلك القواعد، نظراً لاعتماد نظامها المصرفي على تلك الحوافز كأساس لنمو ذلك القطاع؛ وانتهى الأمر إلى الإشارة إليها بشكل عابر دون الدخول في تفاصيل القواعد.وبمقارنة بسيطة للحوافز التي يتقاضاها مديرو وموظفو البنوك في الدول المتقدمة أو حتى بعض الدول الناشئة مع القطاع المصرفي في المملكة، نجد بلا شك البون الشاسع بينهما، فما زالت تكاليف القوى البشرية لا تمثل بنداً ذا أهمية نسبية في تكاليف النشاط البنكي في المملكة مقارنة بمثيلاتها في الدول المتقدمة، فهي لا تزيد على 20 في المائة من الأرباح المستقبلية في المتوسط مقارنة بأكثر من 50 في المائة في الدول المتقدمة، وكي نحصل على قوى بشرية ذات كفاءة يلزم مواكبة التوجه العالمي المتمثل في أن أهم أصل لدى البنك موارده البشرية لا عدداً (فما أكثر أعداد موظفي البنوك) بل كفاءة، ويقتضي النظر في الحوافز وكذلك التدريب ثم التدريب للشباب السعودي باحتراف، لا على شكل تدريب قد يكون هلامياً أحياناً، وتشجيع الموظفين على الحصول على شهادات مهنية واحترافية، وقد يقتضي الأمر إرسال بعض الموظفين للعمل المباشر لدى نظرائهم سواء كان في بريطانيا أو أمريكا أو فرنسا وغيرها من الدول ذات النظام البنكي الراقي، ولنعلم جيداً أن كل ما ينفق على تحفيز وتطوير الكوادر البشرية ليست مصروفات، بل بناء أصول للبنك، والأهم للوطن، والله أعلم.