الأزمة لن تعرقل النمو في المنطقة
تغير التصنيف الائتماني عادة ما يكون له تأثير على سعر الخصم للديون الحالية وبالتالي تضعف قيمتها والطلب عليها كسيولة في الأسواق الثانوية علاوة على أنها تضعف الجهات المصدرة في طرح إصدارات جديدة في السوق. كما أن ضعف التصنيف يؤدي عادة إلى ضعف قيمة حقوق الملكية السوقية في حال رغبة الشركة في إصدار أسهم جديدة للاستغناء عن الديون. كما يؤثر عادة تخفيض التصنيف في قدرة الشركة على إعادة هيكلة المديونية وطرح إصدارات جديدة أو تمديد فترة الديون. ولعل ما يزيد الوضع سواء أن انخفاض التصنيف يؤثر سلبا في البنوك المقدمة أو التي تحوز من ضمن أصولها على الأدوات المالية التي تم خفض تصنيفها فتتأثر بالتالي قيمتها كشركة وتنخفض في السوق، خاصة إذا مثلت الحصة جزءا كبيرا من محفظتها. مما لا شك فيه أن شركات حكومة دبي توسعت عالميا وتمتلك أصولا في عدد كبير من دول العالم، كما أن تخفيض التصنيف تم بدرجة واحدة وليس تخفيضا قويا وربما نابع من انخفاض السيولة المتوافرة لسداد الديون الحالية أي علي المدى القصير وليس الطويل. ولعل قيام حكومة أبو ظبي بتوفير السيولة على أن تتم تغطيتها على المدى الطويل أوجدت مخرجا مؤقتا لحكومة دبي في معالجة الأزمة. ويبقي السؤال: هل سيؤثر هذا الوضع على منطقة الخليج وباقي دول المنطقة ويؤدي إلى تأخر النمو المرتقب في المنطقة؟ مما لا شك فيه أن منطقة دبي فيها حجم كبير من استثمارات مستثمري منطقة الخليج، ولعل القدرة على تسييل الاستثمارات وتحويلها إلى سيولة أمر غير ممكن نظرا لطبيعة الأصول. الأمر الذي سيشكل ضغطا على استثمارات البعض في المنطقة، ولكن ستبقي ليست بالحجم المتصور نظرا لأن اقتصاد دبي لا يشكل ثقلا كبيرا في باقي المنطقة.ويمكن لدبي أن تحول جزءا من محفظتها العالمية التي تمثل استثماراتها الخارجية لتوفير السيولة اللازمة أو من خلال التفاهم مع الدائنين الخارجين. ولكن لا يعتمد كثيرا على هذا الخيار نظرا لأن الأسواق العالمية وقيمة الأصول ربما ستولد ضغوطا أكبر ولن تحقق القيم المدفوعة من قبلها. وبالتالي وفي ظل وجود سيولة مستقبلية متوقعة وحتى يخرج العالم من مأزقه الحالي، ومع تسامح وتفهم دائني دبي، ربما تستطيع الإمارة أن تخرج من النفق المظلم الحالي والمؤثر بسبب السيولة قصيرة الأجل التي في بعض الأحيان، في حال عدم تفهم الدائنين، ربما تؤدي إلى الإفلاس وهي غير متوقعة في الوضع الحالي، ومع مدخرات وإمكانات دول المنطقة في ظل ارتفاع أسعار النفط. لن يتأثر كثيرا اقتصاد المنطقة ولن تتولد أزمة رهن ثانية بسبب وضع دبي الحالي وتخفيض التصنيف، فالسيولة المتوافرة في المنطقة أقوى من أن تدفع المنطقة نحو الانهيار.
*محلل اقتصادي