من يوقف تلوث الشواطئ؟

التحذير الذي أطلقه الدكتور أحمد عاشور مستشار الأرصاد وحماية البيئة السعودية ونشرته جريدة «الرياض» الجمعة قبل الماضي لا بد أن يؤخذ مأخذ الجد: أن نحو 150 كيلو مترا من شواطئ جدة أصبحت عديمة الفائدة للحياة البحرية لتلوثها وستختفي منها الأسماك والكائنات البحرية خلال الفترة المقبلة, وستضطر السعودية إلى استيراد الأسماك من الخارج وكانت قبل ذلك مصدرة خلال 20 عاماً الماضية تزايدت معدلات التلوث في بحر جدة حتى وصلت إلى 70 في المائة.
تلوث البحر الأحمر والخليج العربي أصبح ظاهرة رغم أن بلادنا على بحرين تزيد أطوالهما على ثلاثة آلاف كيلو متر، لكننا من خلال ممارساتنا الاجتماعية والإدارية والاقتصادية نسهم بشكل مباشر في تلوث شواطئنا, وهذا يقودنا إلى انهيار صناعتين مهمتين هما: صناعة السياحة البحرية (الشواطئة) وصناعة تجارة الأسماك، التصدير والاستهلاك الداخلي. التدمير يصل إلى البيئة البحرية والشعاب المرجانية (المساكن) الآمنة والبيئة الطبيعية لبعض الأسماك من خلال التلوث الذي يتمثل في النفايات والمياه التي تصرف إلى البحر, وأيضا ما يلقيه أصحاب مزارع الأسماك من فضلات مشاريع الربيان في البحر فيدمر الحياة الفطرية والنباتية في الشعاب المرجانية, وكذلك بقايا السياح ونفايات بعض المشاريع تؤدي إلى تلوث يدمر عبر المواد الكيماوية والبلاستيك التي تقضي على أنواع من الأسماك.
نواجه مشكلة حقيقية هي تدمير الشعاب المرجانية, وإذا استمر الإهمال وعدم التدخل لحماية الشعاب المرجانية فإننا سنفقد أهم حاضن بيئي للأسماك ونتحول إلى دولة مستهلكة للأسماك المستوردة ونعيش على الاستيراد بدلا من أن نكون نحن الجهة المصدرة للأسماك.
تدمير الشعاب المرجانية بالإهمال والنفايات والفضلات يعني أننا أولاً: ندمر البيئة الاستيطانية (المساكن) للأسماك التي عاشت في هذه المنطقة وندفعها إلى الهجرة البعيدة بحثا عن بيوت آمنة.
ثانياً: تدمير المخابئ والجيوب والدحول والتجويفات الصخرية, وهي مخابئ لنوع من الأسماك للاحتماء والاختباء من الأسماك الكبيرة وشباك الصيادين وأيضاً مكان آمن للتكاثر.
ثالثاً: القضاء على النباتات والحيوانات الدقيقة المرجانية وتقليص انتشار النباتات المرجانية التي تشكل المساكن والبيوت للأسماك.
رابعاً: للشعاب المرجانية دور حيوي في الحياة الفطرية داخل البحر كونها أحد المصادر الرئيسة للأكسجين الذي تحتاج إليه الحياة داخل البحر وامتصاص ثاني أكسيد الكربون.
خامساً: هناك دور حيوي تؤديه الشعاب المرجانية خارج البحر يستفيد منه الإنسان وهو إطلاق الأكسجين الذي يحتاج إليه الإنسان وامتصاص ثاني أكسيد الكربون من الفضاء الخارجي, ما يساعد على الحد من ارتفاع الحرارة وما يؤديه من الاحتباس الحراري الذي يعتقد أنه مسؤول عن الأعاصير والفيضانات.
إذن نحن نتجه بشواطئنا إلى مجهول بيئي غامض إذا استمررنا في تدمير البيئة البحرية وما يترتب على ذلك من خسائر بيئية واقتصادية وانعكاس ذلك على الحياة الاجتماعية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي