مراجع الأداء العظيم

عندما ضرب إعصار كاترينا ولاية لويزيانا الأمريكية، والذي خلف وراءه آلاف الضحايا ومليارات الخسائر المادية وعلى الأخص في مدينة نيو أورليانز، أطلق أحد علماء المحاسبة مقولة مشهورة بأن قدرة الله سبحانه وتعالى تمثلت «كمراجع أداء عظيم» ليفحص أداء البشر دورياً وفجاءة من خلال الكوارث الطبيعية، ينكشف المستور، وتظهر للعيان نتائج فحص مراجع الأداء العظيم، وتبدأ كل جهة في لوم الأخرى، فحكومة الولاية تلوم عمدة المدينة، الذي بدورة يلوم الأرصاد الجوية، ويلوم السكان لاختيارهم أماكن خطرة لسكنهم، على الرغم من تحذيرهم بخطورة ذلك، وحكومة الولاية تلوم الحكومة الفيدرالية لعدم توفيرها الاعتمادات اللازمة المطلوبة وعدم اهتمامها بالولايات الجنوبية وتبني مشاريعها وهكذا، ويظل في النهاية المتضرر الأول هو المواطن، وتنتهي الحكاية بتحمل المواطن الأعباء كافة من خلال زيادة الضرائب وارتفاع خسائر شركات التأمين؛ المملوكة للمواطن لدفع التعويضات.
المقصد من إيراد هذه المقولة، أخذ العبرة منها، فقد يظن كثير من المسؤولين أنه يمكن إخفاء إهمالهم قصداً لمنافع دنيوية، أو تهاوناً، ولا يمكن كشفه وذلك باستخدام النظام والطرق البيروقراطية، وتتأصل تلك الفكرة، حتى إنها تسري كالنار في الهشيم، وتصبح فكرة مقبولة حتى لدى المواطن العادي، «اللي تكسب به العب به» بحيث تدور شائعات أنه يمكن إنجاز أية معاملة مخالفة للنظام إما عن طريق الواسطة وإما الدفع «الرشوة» ويظن الجميع أنه يمكن طمر هذه المخالفة إلى الأبد، ولكن لم يعرفوا أن هناك «مراجع أداء عظيم» سيمر لتقييم أدائهم عاجلاً أم آجلاً.
أليس من الأفضل أن نفعل دور المراجع العام الصغير، وهو ديوان المراقبة العامة ونستمع إلى ملاحظاته، ونعاقب المتهاون قصداً لأغراض دنيوية أو إهمالاً قبل أن يزورنا مراجع الأداء العظيم، ونندم حيث لا ينفع الندم.
هل ينطبق هذا التحليل على مأساة مدينة جدة؟ لا أدري!! أنتظر بشغف نتائج تحقيق اللجنة المحايدة التي أمر خادم الحرمين الشريفين بتكوينها وحملها الأمانة؛ وإنها والله لحمل ثقيل، رحم الله الشهداء.
وكل عام وأنتم بخير والله أعلم،،،

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي