من جدة الملك يحارب الفساد
أوامر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله التي أصدرها في الأحداث الأخيرة أثلجت صدور جميع أبنائه المواطنين من خلال معالجاته عبر جرحات استيطانية دقيقة في منطقة جازان ولجان تحقيق ومساعدات مالية عاجلة لمحافظة جدة، فالأولى توجيهاته ببناء عشرة آلاف وحدة سكنية لأهالينا النازحين من الحدود السعودية ـ اليمنية، أما الثانية فأوامره بصرف مليون ريال عن كل شهيد ذهب ضحية أمطار جدة تغمد الله الجميع بواسع مغفرته, وكذلك توجيهات الملك عبد الله بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق والتحقيق ومحاسبة المتسببين وإعادة بناء تلك المناطق وفقاً لجغرافية المنطقة ومجاري سيولها .. السؤال هل ستكون جدة البداية لفتح ملفات الفساد الإداري والتهاون في الأرواح والمال العام؟ ليست جدة استثناءً فكل المدن السعودية لا أقول غارقة بفساد المشاريع لكن هناك نسب متفاوتة في الفساد والتجاوز المالي في المشاريع والتأخير في التنفيذ والتراخي في إنجاز المشاريع والتباطؤ في التخطيط والتهاون في التعاملات المالية الحكومية.. لكن جدة أنموذج لتلك التجاوزات ولو رجعنا إلى السجل البلدي الإعلامي لجدة لحصلنا على تحقيقات صحافية وآراء من كتاب الرأي ومن القراء ومن الراصدين تكشف خلل المشاريع وتكشف التجاوزات وغياب الجهات الحكومية عن المحاسبة ومتابعة المقاولين، وأن الميزانيات التي تخصصها الدولة لأعمال المشاريع البلدية ينتهي بعضها ربما إلى المستفيدين والمنتفعين وأن المشاريع ما هي إلا ورق ومخططات لا تنفذ على الواقع.. وهذا ليس حصرياً أو استثناءً لجدة كل المدن ذلك (الرجل) إلا الرجال المخلصين الشرفاء ممن ملأت قلوبهم خشية الله والحب الكبير لوطنهم.. إنما جدة اشتهرت بالتجاوزات والفساد الإداري والمالي، وكلما خرجت كتابات صحافية وإعلامية كاشفة عن حجم هذا الفساد يتم تجاهلها.
الإعلام هو الرقيب المجاني الذي يعمل إلى جانب المسؤول دون أن يحصل على مقابل ورغم ذلك في جدة وخلال سنوات تم تجاهل الملاحظات الإعلامية وتحت (أي مظلة) تحول إلى مديح للنخب من الإدارة التنفيذية في القطاع الخدمي.
جاء الملك عبد الله أمد الله بعمره لعمل جراحات دقيقة جداً لقطاع الخدمات: البلديات، الصحة، التعليم، التجارة، المياه، الكهرباء، الصناعة. فلا نفوت هذه الفرصة لمعالجة أوضاع بلادنا واجتثاث الفساد الإداري والمالي الذي ذهب ضحيته أكثر من (113) شهيداً ـ بإذن الله ـ وشرد آلاف الأسر من مساكنهم وخسروا ممتلكاتهم التي تقدر قيمتها المالية بالملايين, لذا علينا الحزم في المحاسبة وإجهاض مفسدين آخرين ما زالوا يتربصون وينتظرون أن تمر هذه الغيمة والسحابة ليستأنفوا إفسادهم.