فكر وإرادة
إنّه لمن دواعي الغبطة والسرور أن نرى العرس الخليجي في قمته الـ 30، والتي استضافتها الكويت. إن دول المجلس تسير بخطى ثابتة كما خطت خطوات كبيرة نحو التنسيق والتكامل والترابط الاقتصادي فيما بينها. وتسعى دول مجلس التعاون إلى إيجاد تكاملٍ اقتصادي وسياسي واجتماعي وأمني يتلاءم والمستجدات الإقليمية والدولية من النواحي كافة.
فمنذ أن تأسّس المجلس، انطلقت عجلة الإنجازات، فتحولت أمنيات المواطن الخليجي لواقع حي. وكل هذه الإنجازات التي تشهدها دول المجلس ترتكز على أسس راسخة، تأتي خلاصة لحضارة عريقة، وقيم وتقاليد ومقومات نادرة. ونظرا إلى الرؤى الثاقبة للمجلس للاندماج مع الاقتصاد العالمي فقد تم إقرار مشروع الوحدة النقدية الخليجية والذي بدوره سوف يسهم في تنامي اقتصاديات دول المجلس لتكون من ضمن الكيانات والتكتلات الاقتصادية الكبيرة. إن المنجزات الخليجية والتي تهدف إلى التكامل من خلال تعزيز التعاون في مختلف الجوانب الاقتصادية والمالية قد ساهمت في إرساء دعائم التعاون الاقتصادي بين دول المجلس. ومن تلك الإنجازات التي تشهدها المنطقة، اعتماد أصحاب الجلالة، وأصحاب السمو قادة دول مجلس التعاون إقامة الاتحاد الجمركي، والسوق الخليجية المشتركة، والاتحاد النقدي، إضافةً إلى اعتماد القانون الموحّد لمكافحة الإغراق.. فكلّ هذه الأمثلة وغيرها تمثل شواهد وخطوات مهمة في طريق تحقيق التكامل الاقتصادي الخليجي. إن مجلس التعاون قد بنى أسساً صلبة ومتينة للانطلاق نحو استكمال المسيرة الّتي رسمها قادة دول المجلس لتحقيق طموحات وتطلعات المواطن الخليجي. وبما أن التكامل الاقتصادي أصبح هدفا استراتيجيا وضرورة اقتصادية خاصة مع تأسيس الكيانات الاقتصادية العملاقة كالاتحاد الأوروبي، لذا فإن دول المجلس قد استجابت لهذا التحدي بهمم قوية لتحقيق التكامل الاقتصادي المنشود. فمنذ قيام الاتحاد الجمركي عام 2003 والعمل مستمر على إزالة معوقات التبادل التجاري وتوحيد الإجراءات الجمركية وللحفاظ على هذه الأهداف وللتأكيد على استمراريتها، فقد تم اعتماد إنشاء هيئة التقييس لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والتي تهدف إلى توحيد أنشطة التقييس المختلفة في دول المجلس.
ومنذ إنشائها فإن الهيئة عازمة على تعزيز آليات تحقيق المواصفات القياسية واللوائح الفنيّة الخليجية للسلع والمنتجات والمواد الأساسية بما يتوافق والمواصفات واللوائح الدولية، والذي بدوره أسهم في تطوير وتنمية التجارة بين دول المجلس وللوصول إلى أهداف الاتحاد الجمركي.
كذلك حققت دول المجلس إنجازًا كبيرا وذلك من خلال إعلان أصحاب الجلالة وأصحاب السمو قادة دول المجلس انطلاق السوق الخليجية المشتركة، ومن أهم ما تحقق في هذا المجال هو إقرار المواطنة الخليجية من خلال حرية ممارسة النشاط الاقتصادي بين مواطني دول المجلس.
إن المواطن الخليجي يعايش هذه الإنجازات والمكاسب الكبيرة على الأصعدة كافة مما يمثل فخرا وعزا لنا. وللتأكيد على تقارب السياسات الاقتصادية والمالية فقد تم إعلان إقامة الاتحاد النقدي متمثلا في توحيد العملة بين دول المجلس والذي بدوره يسهم في تحقيق الاستقرار المالي والنقدي بين دول المجلس.
إن العوامل التاريخية والدينية والاقتصادية والمصير المشترك تشكل دوافع مهمة لاستكمال عوامل التكامل بين دول المجلس. وبالتأكيد، فإن الإرادة والعزم والإصرار والإيمان والالتزام بالفكرة؛ كلها عوامل تسهم في تحقيق الأمنيات والإنجازات العظيمة. إن حجم الإنجازات ومستوى النجاح الكبير والتقدم العظيم الذي حققته دول المجلس يجعل منها نموذجاً ومثلا يُحتذى به. ولدينا ثقة يأن الفكر الجيد، والإرادة القوية، والطموح، كلها ضروريات تعد بمستقبل واعدٍ للمواطن الخليجي.
*مدير الإدارة المتكاملة في جامعة نزوى
[email protected]