المرور وشركات التأمين .. الإيجابيات والسلبيات (1 من 2)
في البداية لا بد من التنويه بأن النقد البناء الهادف لا يمكن أن يثير الأضغان والأحقاد والتذمر والانفعال، إلا عند الشخص الجاهل المقصر، أما الشخص المتعلم المدرك للمسؤولية، فإنه يرحب بكل نقد هادف مجرد من الهوى، ويقول - رحمه الله - من أهدى إلي معايبي، وقد استهللت هذا المقال بهذه العبارات، وأنا بصدد الكتابة عن رجال المرور وشركات التأمين، وهذا امتداد لمقالات سابقة عديدة متنوعة، وجدت التجاوب من المسؤولين في إدارة المرور باتصالات هاتفية يُشكرون على اهتمامهم الذي يشجع الكاتب المخلص على التواصل معهم من خلال ما يلاحظه من الممارسات العملية باعتبار الصحافة تمثل السلطة الرابعة في القيام بدور رقابي غير رسمي، وإنما أدبي محض من خلال نقل الملاحظات إلى المسؤولين لمعالجة كل السلبيات التي تحصل، وهذا أمر يدركه كل كاتب واع ومخلص، وقد أثنيت على التجاوب في مقال نشر في هذه الصحيفة بتاريخ 29/7/1424هـ الموافق 26/9/2003م، بعنوان (إدارة المرور والأفكار المفيدة)، وعلى أساس من التواصل الذي أشرت إليه آنفا، فإنه في يوم الأربعاء 6/1/1431هـ الموافق 23/12/2009م الساعة (2:30 ) ظهرا، اتصل بي ابني (وليد) وذكر لي أنه حصل له حادث بسيط في شارع التخصصي عند عودته من العمل، وأنه اتصل بشركة نجم للتأمين للحضور من أجل ضبط الواقعة، وتحرير محضر حولها، ولكن لم يحضر مندوبها، وقد سارعت وحضرت إلى الموقع، وعاودت الاتصال بالشركة حاثا لها على سرعة إرسال المندوب، وذكرت لمن ردت على الاتصال أن رقم التبليغ (193)، فقالت إن سبب التأخير كثرة الحوادث، وبعد 40 دقيقة أو أكثر حضر رجل المرور فقام بتحرير محضر بواقعة الحادث في خضم الزحام والإرباك، وكثرة السيارات عند منعطف دائري جنوبي ملتقى طريق الملك عبد الله مع شارع التخصصي، وقد كان رجل المرور على مستوى من المسؤولية عندما قام بواجبه دون انتظار مندوب شركة نجم للتأمين، بل تفضل بإرشادنا إلى الذهاب إلى موقع تقدير الأضرار الناجمة عن الصدمة بوصف الموقع في (صناعية أم الحمام)، ورغبة مني في معرفة ما يتم رافقت ابني إليه فلاحظت أن هناك قسما لإدارة المرور يشرف على عملية التقدير للأضرار التي يتولاها عدد من الأشخاص لا نعلم عن مدى اختصاصهم في الإحاطة والمعرفة بالتقدير، فحضر ثلاثة من المقدرين معهم نماذج مماثلة كتب في هامش كل نموذج (قيمة التقرير عشرة ريالات)، فأخذ كل واحد منهم يطلع على تقرير الآخر ويدون المعلومات المطلوبة في النموذج بما في ذلك التقدير الخاص بالسمكرة، وقد وضع اثنان منهم مبلغ (1200) ريال، ووضع الثالث مبلغ (1300) ريال، وعندما لاحظت ذلك قلت مازحاً لأحدهم أنت تابع لأي ورشة فرد علي بانفعال (أنا تابع لمركز)، وكان هدفي من النقاش والتحاور معرفة مكان عملهم ومرجعهم كي تكون الصورة واضحة لي، وعلى كل كان التنظيم من قبل إدارة المرور جيدا من حيث التسهيل على المراجعين بدلا مما هو متبع في السابق، بأمر المراجع أن يحضر ثلاث تسعيرات من ورش، وكذلك قطع الغيار اللازمة، وهذا فيه روتين مطول ومعطل، لما يجد من معارضة من بعض شركات التأمين ـ إن لم يكن منها جميعاً ـ إذ ذكر لي بعض من أعرفهم أن مثل هذه التقديرات السابقة، وإصلاح السيارة يستغرق وقتاً طويلا، ورغم هذا التحسن، واهتمام المسؤولين في إدارة مرور الرياض بأي ملاحظة تبدى، فإن هذا قد لاحظته من التجاوب والاهتمام من خلال الاتصالات الهاتفية أو المقابلات الشخصية، وآخر ما تم يوم السبت 9/1/1431هـ الموافق 26/12/2009م عندما أنهيت إجراءات الأوراق في المرور بيسر وسهولة مررت على المسؤول الأول العقيد عبد الرحمن المقبل فلم يكن موجوداً، فذهبت إلى نائبه العقيد عبد العزيز أبو حيمد فرحب مشكوراً فأوضحت له ما حصل أثناء الحادث من عدم حضور مندوب شركة نجم للتأمين وتأخره في وقت كان الزحام والإرباك معطلين للسير وقت الظهيرة، فقال لي ملاحظتك في محلها ودونها لنا مكتوبة، وقد فعلت وسلمتها له عسى أن يكون فيها الفائدة المرجوة لتقوم الشركة بدورها المنشود، أو أن يكون ضبط الوقائع وتحرير المحاضر وتحديد المخطئ من مهام رجل المرور باعتباره من جهة يفترض أنها محايدة، وبعد ذلك يأتي دور شركة التأمين في دفع التعويض أو إصلاح السيارة المصدومة في جهة تحددها بشرط أن تكون على مستوى من الكفاءة الفنية، وهذا ما سبق أن اقترحته في مقال سابق نشر في هذه الصحيفة بتاريخ 23/4/1424هـ الموافق 23/6/2003م بعنوان (المرور وشركات التأمين وتجنب الروتين)، وإن ما سطرته آنفاً فيه إيجابيات وسلبيات يستلزم التعليق عليها وطرح آراء ومقترحات قد تفيد، ولكن قد يطول المقال مما لا يمكن من قراءته كاملا، ولذا أجلت إبداء الآراء والمقترحات في مقال ثان يلي هذا المقال، وطرحي هذا لم يكن الغرض منه مصلحة خاصة بي، فأنا أكتبه بعد أن انتهي موضوع حادث السيارة، ولكن أوردته في المقال باعتبار ما ذكر من وقائع وإجراءات منطلق للنقاش والتحاور لما فيه المصلحة العامة، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .