جائزة سلمان وهويتنا التاريخية
في الأعوام الماضية بدأ الاتجاه العلمي العام يأخذ منحى الاهتمام اللامحدود للعلوم التطبيقية والرياضيات، وهذا يدل على وعي وخطط أجهزة الدولة لكنه في حالات كثيرة يكون على حساب العلوم الإنسانية التي كانت ولفترات زمنية طويلة هي الاهتمام الأكبر وربما الأوحد: الشعر والتاريخ والجغرافيا والاجتماع. التي كانت سابقاً هي العلوم الفعلية ويمنح من يدرسها الألقاب والأمجاد إلا أن الكثير من الشعوب مثل أوروبا وبعض دول آسيا تجاوزتها في وقت مبكر من تاريخها الحضاري في حين أن العرب (تخندقوا) طويلا في موضوع العلوم الإنسانية. والآن ونحن في الألفية الثالثة انجذبت المؤسسات العلمية الحكومية والأهلية إلى العلوم التطبيقية: الطب والهندسة والحاسب والكيمياء والفيزياء والأحياء والرياضيات والجيولوجيا حتى إن بعض المخططين في التعليم العام والجامعي يطرحون آراءً حول إلغاء عديد من مواد العلوم الإنسانية والعلوم الشرعية أو على أقل تقدير خفضها إلى أقل نسبة ممكنة بل اتجهت بعض المدارس الأهلية الثانوية إلى إيقاف القبول في تخصصات العلوم الإنسانية وتقلصت تخصصات كانت وزارة التربية والتعليم قد أنشأتها ودرستها في مدارسها هي: الإداري والتقني. والاكتفاء بالشرعي فقط.
هذا الاتجاه الأوحد في المجتمع قد يوجد خللا في العلوم الأخرى إذا ربطت أقسام وتخصصات الجامعات بسوق العمل.. فإذا تم الاستمرار في هذا الاتجاه فإننا سنصل إلى إفلاس وندرة في أساتذة وباحثين في التاريخ والجغرافيا والاجتماع، وبذلك تتضاءل الفرصة في ولادة علماء في هذا المجال ليكونوا حماية طبيعية للمجتمع من المغرضين وأصحاب الدسائس ومن يسعى إلى تشويه تاريخ بلادنا وجغرافية أرضنا وتعرية مجتمعنا لنصبح بلا هوية وبلا مرجعية تاريخية واجتماعية.
الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض وجه بإنشاء جائزة ترعاها دارة الملك عبد العزيز بإيجاد جائزة باسم الأمير سلمان لرعاية المؤرخين والجغرافيين وأبحاثهم ودعم أعمالهم بمنح وجوائز مالية ومعنوية بهدف صيانة تاريخ بلادنا وحماية هويتنا الوطنية وإرثنا الحضاري، وهي خطوة لها بعدها الوطني والعلمي، فهذا التوازن الذي أراده الأمير سلمان يهدف إلى المحافظة على استمرارنا وتعاطينا مع العلوم التطبيقية، وأيضاً حماية العاملين في مجال التاريخ الحضاري لبلادنا ليكون هؤلاء الباحثون خطا وسدا منيعا ضد من يسعون دائما إلى إضعاف سجلنا التاريخي والتشكيك بما يحتويه، وهي محاولات قديمة نتعرض لها من كتاب عرب وغير عرب آراؤهم تتجه إلى تعرية هويتنا الوطنية والإسلامية.