محمد بن فهد.. دور قيادي في التنمية المستدامة
منذ إشراقة التوحيد والمملكة العربية السعودية تحمل في طياتها مسؤولية التنمية المستدامة. وشكلت لبنة هذه المسؤولية طموح الوصول الى البيئة الاقتصادية الملائمة التي تحقق غاية المجتمع وتعكس نمطا ثابتا لنهضة وطنية شاملة.
وكان للمنطقة الشرقية الدور الريادي الذي دفع عجلة الاقتصاد الوطني في طريق التنمية المستدامة لتساهم في تحقيق تطلعات القيادة الرشيدة لهذه البلاد. وبما أن المنطقة الشرقية هي منطقة الصناعة النفطية العالمية والعمود الفقري الذي يرتكز عليه الاقتصاد العالمي لتغذية حيويته، كان لابد من اختيار الرجل المناسب لتحمل هذه المسؤولية في تحريك مصادر وطاقات المنطقة الشرقية وتوظيفها لتكون المنطقة التي تشكل نموذجا يهيئ للمناطق الأخرى من التكامل بعضها مع بعض حتى يتسنى لاقتصاد المملكة القيام بالدور المنوط به لوضع أولى خطوات مفهوم التنمية المستدامة على أرض الواقع.
المسألة لم تكن في قيادة منطقة فحسب، بل بإدراك التغيرات الاقتصادية الدولية التي تدفع لوجود البنية التحتية المناسبة لهذه الصناعة النفطية. بنية تحتية تتكامل فيها الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية ليس لغرض الصناعة النفطية وحدها، بل لدفع الصناعة النفطية إلى إنجاز متطلبات التنمية المستدامة للمنطقة الشرقية كخطوة أولى ولباقي المناطق كنتيجة ملموسة.
وما نراه اليوم هو نتيجة 25 عاما من العمل الدؤوب لرجل المنطقة الشرقية الأول باتجاه تحقيق مفهوم التنمية المستدامة.
ففي البعد الاقتصادي ساهمت منطقة الصناعة النفطية في انطلاق نهضة وطنية شاملة دفعت المملكة للوصول إلى الدول العشرين الأكثر تأثيرا في الاقتصاد العالمي. بل وضعت المملكة في مراكز صناعة القرار لتشارك في تحقيق استراتيجياتها الوطنية. والمنطقة الشرقية بوابة المملكة لدول الخليج العربي وكان لذلك أثرا في وجدان الرجل الأول ليبادر بتعزيز الجهود الرامية إلى النهوض بمقومات المنطقة الشرقية لتكون مركزا حيويا يربط اقتصاديات دول الخليج بعضها مع بعض وتنطلق منه المشاريع الخليجية المشتركة في قطاع الطاقة كمشروع الربط الكهربائي بين دول مجلس التعاون وفي قطاع المواصلات كمشروع القطار الخليجي الذي يؤكد التواصل بين شعوب دول الخليج كخطوة واعدة تحقق التكامل بين القطاعات الاقتصادية وترسم ملامح التنمية المستدامة.
أما البعد الإنساني، فلم تغب صناعة المعرفة عن ذهن رجل المنطقة الشرقية الأول إدراكا بأهمية الاستثمار في التنمية الإنسانية وبذل السبل لتشجيع المؤسسات التعليمية على المنافسة في مشاريع المعرفة والبرامج الأكاديمية فكان لابد من وضع إطار لتلك المنافسة الشريفة ممثلة في جائزة سموه للتفوق العلمي لتكون حافزا لطلب العلم في أفئدة أجيال المستقبل. وحين توطدت أسس التعليم أصبح من الضرورة أن تشرع المؤسسات الأكاديمية لإيجاد مخرجات ملائمة لمستجدات التنمية المستدامة وعندها بادر سموه كالمعتاد بإنشاء جامعة عصرية استجابة لأحد أهم متطلبات التنمية المستدامة وامتثالا لمقولة المغفور له بإذن الله الملك فهد طيب الله ثراه بأن ثروة الوطن الأولى هي الإنسان.
أما البعد الاجتماعي، فتشهد المنطقة الشرقية نسيجا اجتماعيا يواكب التقدم الحضاري في الألفية الجديدة والذي يؤكدها توافد العديد من أهالي الخليج والكثير من شعوب الدول الأخرى الذين أشاروا إلى ميلهم لمدن المنطقة الشرقية لما تشكله من حراك اجتماعي لا يهدأ وفعاليات لبرامج عديدة تتزامن فيها المحلية بالدولية مما جعل المنطقة الشرقية وجهة فرضت نفسها على الساحة الدولية.
ولم تقف تلك البرامج على المؤسسات الحكومية فقط بل كان لتوجيه سموه أثر في مساهمة القطاع الخاص لبرامج التنمية الاجتماعية والذي أسس مفهوم خدمة المجتمع في مؤسسات القطاع الخاص ليتكامل البعد الاقتصادي و البعد الاجتماعي مع البعد الإنساني ويرسم منهجا يستدل به على مفهوم التنمية المستدامة.