الأربعاء, 23 أَبْريل 2025 | 24 شَوّال 1446


سلطة الصحافة

ما حدود سلطة الصحافة؟

بداية يمكن القول إنها تنطلق لخدمة المجتمع. معنى ذلك أن الصحافة تصبح هي الصوت الناطق للمجتمع في مختلف القضايا، هذا الصوت قد يصبح قويا فعالا مؤثرا، وقد يصبح خافتا باهتا ذابلا.
لقد نشأت الصحافة في مهاد الفكر والفلسفة والأدب والثقافة، وكانت لسان حال النخب ، كانت هي المعبرة والحاضنة لآراء النخب السياسية والاجتماعية والثقافية والفكرية، لكنها حين غدت الوسيلة الأكثر انتشارا والأكثر مقروئية وتأثيرا في الشعوب أصبحت هي لسان الحال المعبر عن المجتمعات، بثقافاتها وعاداتها وقيمها وأعرافها، وبالتالي شكلت نوعا من السلطة التي اعترف بها ضمنيا على أنها السلطة الرابعة في المجتمعات الديمقراطية .
تقدمت الصحافة لتستشرف كل القضايا، وأصبحت تتحكم في توجهات الرأي العام ، خاصة حين تعرض لحملات معينة في مجالات مختلفة، أصبحت حكومة ظل في المجتمعات الغربية، أصبحت أحيانا تشكل حكومة أو تسقطها، وهي في ذلك تؤدي دورا سياسيا لكن حين هيمنت عليها النظرات المادية اختفت هذه الأدوار، وهيمن الجانب الإعلاني على الجانب التحريري ، وأصبحت الكتابة لمجرد الكتابة. أشير هنا إلى أوضاع صحافتنا العربية ، فهي لا تمارس دورها المطلوب تماما، تكتفي بالتغطية، وإن علقت على بعض القضايا في صفحات الرأي يجيء التعليق خافتا، كما أن دورها في احتضان القضايا الإنسانية والاجتماعية أصبح خافتا .
والسؤل هنا: هل ما زالت الصحافة تشكل سلطة ما؟ هل تمارس دورها بجلاء؟
هل تحاول الصحافة أن تحافظ على دورها أم أن الوسائط الجديدة كالإنترنت ستسحب البساط وتخطف المجتمع الذي هو حاضن الصحافة، وهي صوته الذي ربما يغيب!
إن ما نلحظه في الآونة الأخيرة من بعض الصحف ينبئ بتوجه جديد في إبراز الدور المنط بالصحافة كونه دورا دائما وتنويريا وليس راصدا أو متتبعا، بل أن تنهض صحافتنا العربية برسالتها في البناء والحضور والمكاشفة لأن سلطتها تقوم على الحضور والمكاشفة، لأن سلطتها تقوم على القوة الفكرية في صياغة المجتمع وفق المعطيات والمستجدات.
إن الحرية المنضبطة الممنوحة لصحافتنا المحلية حرية واسعة، وهذا يخلق أفقا رحبا من المسؤولية الصحفية تجاه قضايا الوطن وهموم الإنسان السعودي الذي يعتبر الصحافة داعمة له، ومبرزة لقضاياه وإيصالها إلى صناع القرار. وهي أيضا مرآة لصناع القرار يلحظون على صفحاتها ما يسهم في تلمس بواطن القصور والسعي إلى إيجاد الحلول لها، ومحاسبة من يتراخى عن دوره في مسيرة التنمية والبناء.
إننا نتذكر جميعا الخطاب الملكي الذي استهل به خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – أيده الله- عهده الميمون، فعند توليه – يحفظه الله- مقاليد الحكم جعل من خلال خطابه التاريخي مسؤولية الوطن أمام الجميع، وأنه – يحفظه الله- يستمد العون من الله تعالى ثم من الرأي الصائب الذي يقدمه المواطن بكل مسؤولية وإدراك، وهو يرمي – حفظه الله- من ذلك الخطاب الأسري وضع كل مواطن أمام مسؤوليته تجاه هذا الوطن في الحفاظ على مقدراته، والسعي إلى خدمته .
والصحافة ليست غائبة عن هذه الدعوة الملكية، فالقائمون على هذه المنابر الصحفية هم أبناء الوطن وهم يدركون جيدا أهمية إبراز جوانب التطور وكذا جوانب القصور لكي نكون جميعا أيادي تعمل من أجل الوطن وتطوره، وخدمة مقدساته.
إن صحافة اليوم لم تعد صحافة النخب، كما كان بالأمس، بل أضحت رسالة إعلامية شاملة كما تخدم الأدب والثقافة، فهي تبرز قضايا المواطن في أي مكان وصولا إلى الغاية التي تنشدها الصحيفة وتسعى إلى تحقيقها في ظل تزايد وسائط التأثير وتنوعها، وهي وسائط تقوم على أساليب مبتكرة لجذب المتلقي، والاستئثار به بعيدا عن الغايات التي قد تتفق وينشدها المتلقي أو يتمنى الوصول إليها عبر هذه الوسائط.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي