رجال الاستخبارات (1 من 2)
يؤمن الغرب بالدراسات والبحوث ومراكز الاستشارات, ويعول كثير من صناع القرار في الغرب على معلومات هذه المراكز وكذلك على مسوحات الرأي وتوجهات الشعوب, وتستفيد بعض القنوات الرسمية مثل الاستخبارات ذات الأنشطة المتعددة من هذه الدراسات, ففي أمريكا وحدها ما يزيد على 16 وكالة للاستخبارات مختلفة الأنشطة والتوجهات, وعلى رأس الجميع تقف CIA منها نشاطات محلية ودولية كثيرة ويجوب رجالها ليلاً ونهاراً العالم في مهمات غير منظورة, ويعمل كثير من رجالها في السفارات الأمريكية تحت أسماء مختلفة تماماً عن المهام الملقاة على عواتقهم, ولهم نشاطات واسعة في كثير من الدول ويزيد نشاطهم على المعهود في بعض جمهوريات أمريكا الجنوبية، وقد نشرت مجلة ''فورن بولسي'' الأمريكية أخيرا تحت عنوان ''أقوى شخصية'' استخبارية في منطقة الشرق الأوسط وجاء الوزير عمر سليمان رئيس الاستخبارات المصرية على رأس القائمة, ويعتمد تقييم الوكالة على نشاط المرشح وكفاءته ومهارته واتصالاته وشخصيته وقدرته على التأثير في الأحداث في محيطه وخارجه, ووصفت المجلة عمر سليمان بأنه الرئيس النموذجي لأجهزة المخابرات الغربية, فقد استطاع في عشرة أعوام من توليه رئاسة الاستخبارات المصرية أن يكسب مزيدا من الاحترام بين زملائه في العالم وكثيرا من الاحترام والتقدير بين رجال الصحف, ونحن نرى جهوده الماراثونية لتذليل العقبات في سبيل المصالحة الفلسطينية بين فتح وحماس, كما أنه استطاع خلال العواصف التي أحاطت بالعالمين العربي والإسلامي عقب أحداث الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) من جعله ذي كلمة مسموعة لدى زملائه في واشنطن ولندن وباريس، كما استطاع كثيراً أن يحسن سمعة الاستخبارات المصرية بعد السمعة التي لحقت بها خلال سنوات صلاح نصر، وجاء الشخص الثاني في المنطقة رئيس جهاز الموساد مائنير داجان, مع أن إسرائيل تعتبر نفسها خارج العالم الثالث، تكرمت المجلة مشكورة بجعله في المركز الثاني تواضعاً منها وتحقيقاً للعدالة والمصداقية من أن تضعه في المركز الأول عالمياً بلا تواضع انطلاقاً من أهداف النشرة الخفية والمخفية. الجدير بالذكر أن مائنير جاء إلى الاستخبارات والموساد من المؤسسة العسكرية ويده ملطخة بالدماء في فلسطين وفي محاولة وتتبع الشخصيات الفسلطينية القيادية والنشطاء في حماس والجهاد ومنظمة التحرير وارتفعت أسهمه بتكثيف نشاط المؤسسة ربما في إيران والعراق, كما توج نشاطاته باغتيال عماد مغنية وتفجير سيارة نقل سياحي من بلد عربي واستهداف منشآته بادعاء أنها نووية، وكذلك امتدت يده الملطخة بالدماء إلى دبي فاغتالت الناشط في حماس محمود المبحوح بفريق يتكون من 26 مشاركاً توزعت أدوارهم في المراقبة والرصد والاغتيال, وها هي دبي تنشر أسماء وصور المشاركين ويقف العالم مذهولاً لهذه الوقاحة في تدنيس أرض ذات سيادة واستعمالها لتنفيذ أهداف ''الموساد'', ويقال إن المعلومات والدراسات التي أعدها أسهمت في إقناع قادة إسرائيل بضرب قافلة السيارات في السودان. وجاء في المركز الثالث قائد قوة القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني الذي كان بداية بزوغه على المسرح أثناء الحرب الإيرانية ـ العراقية, حيث عينه الرئيس رفسنجاني في أحد المراكز القيادية ضمن طواقم الحرس الثوري عقب انتهاء الحرب, وأشارت المجلة إلى أن نشاطات السليماني المشبوهة من نشر أفكار وأهداف ومبادئ الحرس الثوري في لبنان وأفغانستان والعراق، ويشار إلى أنه يمرر مجموعة من الأسلحة المتطورة إلى المليشيات الشيعية العراقية المسلحة، وجاء آصف شوكت الذي عمل لفترة في الاستخبارات السورية في المركز الرابع, وأصدرت الخزانة الأمريكية عام 2006 أمراً بتجميد أصول شوكت واعتبرته من المخططين الرئيسيين للاستخبارات السورية ونشاطها, خاصة في لبنان, والحق ما شهدت به الأعداء ـ أعرف أن بعض هذه الدراسات لا تنصف العالم العربي والإسلامي والعالم الثالث, وهي تعتبر أننا حقل خصب للدراسة والبحث والاستقصاء, وأن دربنا طويل لنصل إلى ما وصلوا إليه ـ ولعلني أغتنم هذه الفرصة عندما نتحدث عن الاستخبارات لأقدم خالص الأماني الطيبة بالتوفيق والعون والسداد للأمير عبد العزيز بن بندر بن عبد العزيز الذي توج خدماته الطويلة مع الاستخبارات السعودية لمدة تجاوزت 27 عاماً ليصبح نائباً وساعداً أيمن للأمير مقرن بن عبد العزيز بمرتبة وزير, وأن كثيرا من الاحترام والتقدير والمهنية العالية تحظى به استخباراتنا السعودية دون ضجيج، وأن الاستخبارات السعودية تعتبر الوجه المشرق لمثل هذا النشاط, حيث لا يملك الجميع إلا الثناء عليها والفخر بها ـ والله الموفق.