في السوق .. انقلاب أبيض
الخبر ''أطاح تكتل ضم عددا من رجال الأعمال بمجلس إدارة الشركة السعودية للنقل والاستثمار ''مبرد'' وأقال مديرها العام، على أثر انعقاد جمعيتها العامة العادية للمساهمين يوم الأربعاء الماضي في مقر إدارة الشركة في الرياض، وجاء هذا التحرك من قبل المساهمين بهدف تصحيح وضع الشركة التي تتكبد خسائر متتالية منذ عدة سنوات، آخرها الإعلان عن صافي خسارة بنحو تسعة ملايين ريال خلال الربع الأول من العام الجاري، وتم خلال الجمعية التي حضرها حملة أسهم بنسبة 21 في المائة من رأس مال الشركة، التصويت على جميع بنود جدول الأعمال المعروض على الجمعية، بما في ذلك تغيير كامل أعضاء مجلس إدارة الشركة وانتخاب ستة أعضاء جدد لعضوية مجلس الإدارة للدورة المقبلة التي تبدأ من 15 أيار (مايو) الجاري ولمدة ثلاث سنوات''.
لم ينته الخبر بعد فقد تضمن ما يلي: ''يذكر أنه سبق أن قام تكتل من رجال الأعمال بمحاولة الإطاحة بمجلس إدارة شركة ''مبرد'' في 21 أيار (مايو) 2007 (وهي الدورة السابقة لمجلس الإدارة)، لكنهم لم يتمكنوا من ذلك، حيث تعرض خلالها عدد من كبار مساهمي الشركة للطرد من قبل رئيس مجلس الإدارة السابق، واضطر كثير من المساهمين إلى مغادرة مقر الجمعية إثر منعهم من الدخول، وتم عقد الجمعية بحضور أعضاء مجلس الإدارة السابقين فقط، ولجأ المساهمون المتضررون آنذاك إلى وزارة التجارة والصناعة وهيئة السوق المالية لإنصافهم والطعن في قانونية عقد الجمعية العامة العادية، لكنهم لم يخرجوا بنتيجة، وهو ما دفعهم للتمسك بحقهم والانتظار طيلة ثلاث سنوات ماضية لحين انتهاء الدورة السابقة ومن ثم معاودة المحاولة، وتم بالفعل الإطاحة بمجلس الإدارة عبر أغلبية التصويت التي كفلها لهم النظام'' أخيراً .. انتهى الخبر.
لا أخفي سعادتي بهذا الخبر ليس نصرة للمجلس الجديد ولا تشمتاً في المجلس السابق، فلا رابط بيني وبين أي منهما، ولكنها سعادة بديمقراطية ممارسة الحقوق وحضارية اتخاذ القرار، وبمسيرة عجلة التغيير، وممارسة المساهمين لحقوقهم التي كفلها لهم النظام.
عادة عندما توجد المشاكل والأزمات فلا بد من ضحايا، وفي الشركات عندما تتوالى الخسائر، فيجب أن نتوقع أن هناك رؤوساً قد أينعت وحان قطافها، بغض النظر عن الأسباب والمسببات .. خارجية أم داخلية، السوق أم المنافسة، العاملين أم مجلس الإدارة، غالباً ما يكون التغيير معدلاً للمسار، خاصة عندما يكون التغيير إيجابياً، ويتلمس مواضع الخلل ومكمن الداء، ويوفق في وصف الدواء، وينجح في تطبيق خطط الإنقاذ والتصويب.
لفت انتباهي في هذا الخبر ثلاثة أمور:
الأول: استخدام لفظ الإطاحة بالمجلس السابق، وهي مفردة ذكرتني بمباريات الملاكمة الحرة، مما يؤكد الصراع على المجلس بين فريقين والتنافس العنيف حوله، حيث تكرر مرتين وتحققت الإطاحة بالمجلس السابق بالضربة القاضية في الجمعية الأخيرة.
الثاني: بالرغم من قيام مجلس الإدارة السابق باستخدام أساليب أقل ما يقال فيها أنها غير مهنية في الانتخابات المنعقدة قبل ثلاث سنوات (حسب نص الخبر)، إلا أن المجلس الجديد تعامل بكل حضارية وروح رياضية مع المجلس السابق، وأبرأ ذمة الأعضاء عن تلك الفترة بالرغم من وجود الخسائر وعدم مهنية الانتخابات التي عقدت في عام 2007م.
الثالث: إذا كان ما تضمنه الخبر صحيحاً حول طرد المجلس السابق عددا من كبار المساهمين أو عدم تمكينهم من حضور الجمعية للمشاركة في الانتخابات، وأقول إذا كان ذلك صحيحاً فهو أمر مخز وموقف يستحق فيه المجلس السابق المساءلة والمحاسبة بكل حزم، وإذا كان ما نشر غير صحيح فلماذا تقف وزارة التجارة وهيئة سوق المال موقف المتفرج من الخبر خاصة أن الخبر يشير إلى شكوى المساهمين المتضررين آنذاك إلى وزارة التجارة وهيئة السوق المالية ولم يخرجوا بنتيجة، فإذا عرفنا أن مندوب وزارة التجارة يحضر هذه الاجتماعات ويراقب الانتخابات أصبحت مسؤولية وزارة التجارة حول ما جرى في تلك الانتخابات مسؤولية مباشرة وأصيلة.
أخيراً .. هل يعي أعضاء مجالس الإدارة في شركاتنا المساهمة أن مسؤوليتهم مسؤولية كبيرة أمام الله أولاً وأمام المساهمين والجهات المشرعة والمنظمة ثانياً، ويتوقع المساهمون خاصة الصغار منهم الشيء الكثير، فعضوية المجلس ليست حضور اجتماعات وتصويتا على قرارات والحصول على مكافآت، وإنما هي مشاركة بالرأي والفكر وتعظيم للأرباح وضبط للنفقات ومحاسبة عن المسؤولية وابتعاد عن المجاملة واستقلالية في الرأي، أما شركة مبرد تحديدا فهي شركة تعمل في نشاط مهم وواعد نأمل مع الإدارة الجديدة أن ينعم المساهمون فيها باستقرار للشركة والنمو في المبيعات وتحقيق العوائد وتوزيع الأرباح.