التوظيف والأمن
يمكن أن تستنبط عِبر استراتيجية مهمة من الكلمة التوجيهية الضافية لصاحب السمو الملكي النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية لأعضاء الغرفة التجارية في جدة، تقتضي أن يركز عليها وأن تكون أساساً لبناء قواعد مستقبلية لتوظيف أبناء الوطن، الشكر أولاً لرجال الأمن البواسل على ما بذلوه من جهد مميز يشيد به الداني والقاصي لحماية الوطن من الأشرار، وثانياً لفت الانتباه إلى مسؤولية قطاعات المجتمع العامة والخاصة كافة في تهيئة البيئة المناسبة لإيجاد فرص توظيف لجميع أفراد المجتمع رجالاً ونساء، فالتوظيف، كما أشار سموه يمثل الخط الثاني المهم للأمن، فزيادة عدد العاطلين والعاطلات عن العمل تؤثر سلبياً في الأمن وبالتالي في الاقتصاد.
لقد ثبت عملياً وعلمياً أن زيادة أعداد الطبقة متوسطة الدخل في أي مجتمع رافد أساسي لأمنه، وزيادة الفجوة الاقتصادية بين الطبقات اقتصادياً، وتقليص حجم الطبقة المتوسطة لهما انعكاس سلبي على الأمن وبالتالي الاقتصاد في مجمله.
التركيز السامي على محور التوظيف يجب أن يكون منطلقاً للتشريعات وتطبيقها، وخاصة لخبرة سموه الطويلة في مجال الأمن، قد يقتضي الأمر إلزام القطاعين العام والخاص بتوظيف خريجي الجامعات من الداخل والخارج، خاصة في ظل السياسة الحكيمة بنشر التعليم العالي وإتاحته لجميع أفراد المجتمع، نجح الإلزام - على سبيل المثال - في توظيف أعداد هائلة من المعقبين السعوديين في الشركات عندما حظرت وزارة العمل البتة التعامل مع غير السعوديين لمتابعة إجراءات معاملات وإعطاء الأولوية للصناعات الوطنية والشركات.
وعملياً يمكن أن يقتضي الأمر لتطبيق رؤية سموه الكريم - على سبيل المثال - أن تكون نسبة السعودة، أساساً فنياً ذا ثقل جوهري عند تحليل عروض المناقصات وهذا دور القطاع العام فهو المالك للمشاريع العملاقة، وقد يبدأ مثلا بمشاريع التشغيل والصيانة الضخمة التي تمثل حالياً نسبة 30 في المائة من قيم المشاريع وقد تزيد بكثير في المستقبل، حيث يشترط ألا تقل نسبة المهندسين والمشرفين والمساحين السعوديين عن 50 في المائة، وأن يكون جميع موظفي الحاسب الآلي والإدارة المالية وإدارة الأفراد من السعوديين وتحدد نسبة من المواد ذات صناعة سعودية، وهكذا، إن مثل هذه التشريعات ستلزم القطاع الخاص كافة بالاهتمام بتدريب الشباب السعوديين، وإسكات جميع الأصوات التي تتعذر دوماً بندرة الشباب السعودي المؤهل. قد تلقى مثل هذه التشريعات معارضة شديدة من القلة، ولكنها تصب في مصلحة الوطن وأفراده، وأولهم المعارضون على المستوى الطويل، والله أعلم.